البداية والنهاية/الجزء الخامس/قدوم أعشى بن مازن على النبي صلى الله عليه وسلم
قال عبد الله بن الإمام أحمد: حدثني العباس بن عبد العظيم العنبري، ثنا أبو سلمة عبيد بن عبد الرحمن الحنفي قال: حدثني الجنيد بن أمين بن ذروة بن نضلة بن طريف بن نهصل الحرمازي، حدثني أبي أمين، عن أبيه ذروة، عن أبيه نضلة أن رجلا منهم يقال له: الأعشى واسمه عبد الله الأعور، كانت عنده امرأة يقال لها: معاذة، خرج في رجل يمير أهله من هجر فهربت امرأته بعده ناشزا عليه فعاذت برجل منهم يقال له: مطرف بن نهشل بن كعب بن قميثع بن ذلف بن أهضم بن عبد الله بن الحرماز فجعلها خلف ظهره، فلما قدم لم يجدها في بيته، وأخبر أنها نشزت عليه وأنها عاذت بمطرف بن نهشل، فأتاه فقال: يا ابن عم أعندك امرأتي فادفعها إلي.
قال ليست عندي، ولو كانت عندي لم أدفعها إليك.
قال: وكان مطرف أعز منه.
قال: فخرج الأعشى حتى أتى النبي ﷺ فعاذ به فأنشأ يقول:
يا سيد الناس وديان العرب * إليك أشكو ذربة من الذرب
كالذئبة العنساء في ظل السرب * خرجت أبغيها الطعام في رجب
فخلفتني بنزاع وهرب * أخلفت الوعد ولطت بالذنب
وقد فتني بين عصر مؤتشب * وهن شر غالب لمن غلب
فقال النبي ﷺ عند ذلك: «وهن شر غالب لمن غلب»، فشكى إليه امرأته وما صنعت به، وإنها عند رجل منهم يقال له: مطرف بن نهشل.
فكتب له النبي ﷺ: «إلى مطرف انظر امرأة هذا معاذة فادفعها إليه».
فأتاه كتاب النبي ﷺ فقرئ عليه، فقال لها: يا معاذة هذا كتاب النبي ﷺ فيك فأنا دافعك إليه.
فقالت: خذ لي عليه العهد والميثاق، وذمة نبيه أن لا يعاقبني فيما صنعت.
فأخذ لها ذلك عليه، ودفعها مطرف إليه، فأنشأ يقول:
لعمرك ما حبي معاذة بالذي * يغيره الواشي ولا قدم العهد
ولا سوء ما جاءت به إذ أزالها * غواة الرجال إذ يناجونها بعدي