البداية والنهاية/الجزء الخامس/قصة سقيفة بني ساعدة



قصة سقيفة بني ساعدة


قال الإمام أحمد: ثنا إسحاق بن عيسى الطباع، ثنا مالك بن أنس، حدثني ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود أن ابن عباس أخبره أن عبد الرحمن بن عوف رجع إلى رحله قال ابن عباس: وكنت أقرئ عبد الرحمن بن عوف فوجدني وأنا أنتظره وذلك بمنى في آخر حجة حجها عمر بن الخطاب.

فقال عبد الرحمن بن عوف: إن رجلا أتى عمر بن الخطاب.

فقال: إن فلانا يقول: لو قد مات عمر بايعت فلانا.

فقال عمر: إني قائم العشية إن شاء الله في الناس فمحذرهم هؤلاء الرهط الذين يريدون أن يغصبوهم أمرهم.

قال عبد الرحمن: فقلت: يا أمير المؤمنين لا تفعل فإن الموسم يجمع رعاع الناس وغوغاءهم، وأنهم الذين يغلبون على مجلسك إذا قمت في الناس فأخشى أن تقول مقالة يطير بها أولئك فلا يعوها ولا يضعوها مواضعها، ولكن حتى تقدم المدينة فإنها دار الهجرة والسنة، وتخلص بعلماء الناس وأشرافهم فتقول ما قلت متمكنا، فيعون مقالتك ويضعوها مواضعها.

قال عمر: لئن قدمت المدينة صالحا لأكلمن بها الناس في أول مقام أقومه.

فلما قدمنا المدينة في عقب ذي الحجة وكان يوم الجمعة عجلت الرواح صكة الأعمى قلت لمالك: وما صكة الأعمى؟

قال: إنه لا يبالي أي ساعة خرج لا يعرف الحر والبرد، أو نحو هذا، فوجدت سعيد بن زيد عند ركن المنبر الأيمن قد سبقني، فجلست حذاءه تحك ركبتي ركبته فلم أنشب أن طلع عمر، فلما رأيته قلت: ليقولن العشية على هذا المنبر مقالة ما قالها عليه أحد قبله.

قال: فأنكر سعيد بن زيد ذلك وقال: ما عسيت أن يقول ما لم يقل أحد.

فجلس عمر على المنبر، فلما سكت المؤذن، قام فأثنى على الله بما هو أهله، ثم قال: أما بعد أيها الناس فإني قائل مقالة وقد قدر لي أن أقولها لا أدري لعلها بين يدي أجلي، فمن وعاها وعقلها فليحدث بها حيث انتهت به راحلته، ومن لم يعها فلا أحل له أن يكذب علي، إن الله بعث محمدا بالحق، وأنزل عليه الكتاب، فكان فيما أنزل عليه آية الرجم، فقرأناها ووعيناها، وعقلناها، ورجم رسول الله ورجمنا بعده، فأخشى إن طال بالناس زمان أن يقول قائل: لا نجد آية الرجم في كتاب الله فيضلوا بترك فريضة قد أنزلها الله عز وجل فالرجم في كتاب الله حق على من زنا إذا أحصن من الرجال والنساء، إذا قامت البينة، أو كان الحبل أو الاعتراف، ألا وإنا قد كنا نقرأ: لا ترغبوا عن آبائكم فإن كفرا بكم أن ترغبوا عن آبائكم، ألا وإن رسول الله قال: «لا تطروني كما أطري عيسى بن مريم، فإنما أنا عبد فقولوا: عبد الله ورسوله» وقد بلغني أن قائلا منكم يقول: لو قد مات عمر بايعت فلانا، فلا يغترن امرؤ أن يقول: إن بيعة أبي بكر كانت فلتة فتمت، ألا وأنها كانت كذلك، إلا إن الله وقى شرها، وليس فيكم اليوم من تقطع إليه الأعناق مثل أبي بكر، وأنه كان من خبرنا حين توفي رسول الله أن عليا والزبير ومن كان معهما تخلفوا في بيت فاطمة بنت رسول الله وتخلف عنها الأنصار بأجمعها في سقيفة بني ساعدة، واجتمع المهاجرون إلى أبي بكر، فقلت له: يا أبا بكر انطلق بنا إلى إخواننا من الأنصار، فانطلقنا نؤمهم حتى لقينا رجلان صالحان، فذكرا لنا الذي صنع القوم فقالا: أين تريدون يا معشر المهاجرين؟

فقلت: نريد إخواننا من الأنصار.

فقالا: لا عليكم أن لا تقربوهم واقضوا أمركم يا معشر المهاجرين.

فقلت: والله لنأتينهم، فانطلقنا حتى جئناهم في سقيفة بني ساعدة فإذا هم مجتمعون، وإذا بين ظهرانيهم رجل مزمل فقلت: من هذا؟

قالوا: سعد بن عبادة.

فقلت: ماله؟

قالوا: وجع، فلما جلسنا قام خطيبهم فأثنى على الله بما هو أهله وقال: أما بعد، فنحن أنصار الله وكتيبة الإسلام، وأنتم يا معشر المهاجرين رهط نبينا، وقد دفت دافة منكم تريدون أن تختزلونا من أصلنا، وتحصنونا من الأمر.

فلما سكت أردت أن أتكلم، وكنت قد زورت مقالة أعجبتني أردت أن أقولها بين يدي أبي بكر، وكنت أداري منه بعض الحد وهو كان أحكم مني وأوقر والله ما ترك من كلمة أعجبتني في تزويري إلا قالها في بديهته وأفضل حتى سكت.

فقال: أما بعد فما ذكرتم من خير فأنتم أهله، وما تعرف العرب هذا الأمر إلا لهذا الحي من قريش، هم أوسط العرب نسبا ودارا، وقد رضيت لكم أحد هذين الرجلين أيهما شئتم.

وأخذ بيدي وبيد أبي عبيدة ابن الجراح، فلم أكره مما قال غيرها، كان والله أن أقدم فتضرب عنقي لا يقربني ذلك إلى إثم أحب إلي أن أتأمر على قوم فيهم أبو بكر، إلا أن تغير نفسي عند الموت.

فقال قائل من الأنصار: أنا جذيلها المحكك، وعذيقها المرجب، منا أمير ومنكم أمير يا معشر قريش.

فقلت لمالك: ما يعني: أنا جذيلها المحكك وعذيقها المرجب؟

قال: كأنه يقول: أنا داهيتها.

قال: فكثر اللغط، وارتفعت الأصوات حتى خشينا الاختلاف.

فقلت: أبسط يدك يا أبا بكر فبسط يده فبايعته وبايعه المهاجرون، ثم بايعه الأنصار، ونزونا على سعد بن عبادة فقال قائل منهم: قتلتم سعدا.

فقلت: قتل الله سعدا.

قال عمر: أما والله ما وجدنا فيما حضرنا أمرا هو أرفق من مبايعة أبي بكر، خشينا إن فارقنا القوم ولم تكن بيعة أن يحدثوا بعدنا بيعة، فإما نبايعهم على ما لا نرضى، وإما أن نخالفهم فيكون فساد، فمن بايع أميرا عن غير مشورة المسلمين فلا بيعة له، ولا بيعة للذي بايعه تغرة أن يقتلا.

قال مالك: فأخبرني ابن شهاب عن عروة أن الرجلين اللذين لقياهما: عويم بن ساعدة، ومعن بن عدي.

قال ابن شهاب: وأخبرني سعيد بن المسيب أن الذي قال: أنا جذيلها المحكك، وعذيقها المرجب: هو الحباب بن المنذر.

وقد أخرج هذا الحديث الجماعة في كتبهم من طرق عن مالك وغيره عن الزهري به.

وقال الإمام أحمد: حدثنا معاوية عن عمرو، ثنا زائدة، ثنا عاصم، وحدثني حسين بن علي عن زائدة، عن عاصم، عن زر، عن عبد الله - هو: ابن مسعود - قال: لما قبض رسول الله قالت الأنصار: منا أمير ومنكم أمير، فأتاهم عمر فقال: يا معشر الأنصار ألستم تعلمون أن رسول الله قد أمر أبا بكر أن يؤم الناس، فأيكم تطيب نفسه أن يتقدم أبا بكر، فقالت الأنصار: نعوذ بالله أن نتقدم أبا بكر.

ورواه النسائي عن إسحاق بن راهويه، وهناد بن السري عن حسين بن علي الجعفي، عن زائدة به.

ورواه علي بن المديني عن حسين بن علي، وقال: صحيح لا أحفظه إلا من حديث زائدة عن عاصم.

وقد رواه النسائي أيضا من حديث سلمة بن نبيط، عن نعيم ابن أبي هند، عن نبيط بن شريط، عن سالم بن عبيد، عن عمر مثله.

وقد روي عن عمر بن الخطاب نحوه من طريق آخر، وجاء من طريق محمد بن إسحاق عن عبد الله ابن أبي بكر، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس، عن عمر أنه قال: قلت: يا معشر المسلمين إن أولى الناس بأمر النبي الله ثاني اثنين إذ هما في الغار، وأبو بكر السباق المسن، ثم أخذت بيده وبدرني رجل من الأنصار فضرب على يده قبل أن أضرب على يده، ثم ضربت على يده وتبايع الناس.

وقد روى محمد بن سعد عن عارم بن الفضل، عن حماد بن زيد، عن يحيى بن سعيد، عن القاسم بن محمد فذكر نحوا من هذه القصة، وسمى هذا الرجل الذي بايع الصديق قبل عمر بن الخطاب فقال: هو بشير بن سعد والد النعمان بن بشير.

اعتراف سعد بن عبادة بصحة ما قاله الصديق يوم السقيفة

قال الإمام أحمد: حدثنا عفان، حدثنا أبو عوانة عن داود بن عبد الله الأودي، عن حميد بن عبد الرحمن قال: توفي رسول الله وأبو بكر رضي الله عنه في صائفة من المدينة قال: فجاء فكشف عن وجهه فقبله وقال: فداك أبي وأمي ما أطيبك حيا وميتا، مات محمد ورب الكعبة، فذكر الحديث.

قال: فانطلق أبو بكر وعمر يتعادان حتى أتوهم، فتكلم أبو بكر فلم يترك شيئا أنزل في الأنصار، ولا ذكره رسول الله من شأنهم إلا ذكره وقال: لقد علمتم أن رسول الله قال: «لو سلك الناس واديا وسلكت الأنصار واديا، سلكت وادي الأنصار» ولقد علمت يا سعد أن رسول الله قال وأنت قاعد: «قريش ولاة هذا الأمر فبر الناس تبع لبرهم، وفاجرهم تبع لفاجرهم».

فقال له سعد: صدقت نحن الوزراء، وأنتم الأمراء.

وقال الإمام أحمد: حدثنا علي بن عباس، ثنا الوليد بن مسلم، أخبرني يزيد بن سعيد بن ذي عضوان العبسي عن عبد الملك بن عمير اللخمي، عن رافع الطائي رفيق أبي بكر الصديق في غزوة ذات السلاسل قال: وسألته عما قيل في بيعتهم.

فقال: وهو يحدثه عما تقاولت به الأنصار وما كلمهم به، وما كلم به عمر بن الخطاب الأنصار، وما ذكرهم به من إمامتي إياهم بأمر رسول الله في مرضه، فبايعوني لذلك وقبلتها منهم وتخوفت أن تكون فتنة بعدها ردة.

وهذا إسناد جيد قوي، ومعنى هذا: أنه رضي الله عنه إنما قبل الإمامة تخوفا أن يقع فتنة أربى من تركه قبولها، رضي الله عنه وأرضاه.

قلت: كان هذا في بقية يوم الإثنين، فلما كان الغد صبيحة يوم الثلاثاء اجتمع الناس في المسجد، فتممت البيعة من المهاجرين والأنصار قاطبة، وكان ذلك قبل تجهيز رسول الله تسليما.

قال البخاري: أنبأنا إبراهيم بن موسى، ثنا هشام عن معمر، عن الزهري، أخبرني أنس بن مالك، أنه سمع خطبة عمر الأخيرة حين جلس على المنبر، وذلك الغد من يوم توفي رسول الله ، وأبو بكر صامت لا يتكلم.

قال: كنت أرجو أن يعيش رسول الله حتى يدبرنا - يريد بذلك أن يكون آخرهم - فإن يك محمد قد مات، فإن الله قد جعل بين أظهركم نورا تهتدون به، هدي محمدا وإن أبا بكر صاحب رسول الله وثاني اثنين، وأنه أولى المسلمين بأموركم، فقدموا فبايعوه، وكانت طائفة قد بايعوه قبل ذلك في سقيفة بني ساعدة، وكانت بيعة العامة على المنبر.

قال الزهري عن أنس بن مالك سمعت عمر يقول يومئذ لأبي بكر: اصعد المنبر!فلم يزل به حتى صعد المنبر، فبايعه عامة الناس.

وقال محمد بن إسحاق: حدثني الزهري، حدثني أنس بن مالك قال: لما بويع أبو بكر في السقيفة وكان الغد، جلس أبو بكر على المنبر، وقام عمر فتكلم قبل أبي بكر، فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال: أيها الناس إني قد كنت قلت لكم بالأمس مقالة ما كانت إلا عن رأيي وما وجدتها في كتاب الله، ولا كانت عهدا عهدها إلي رسول الله ، ولكني كنت أرى أن رسول الله سيدبر أمرنا يقول: يكون آخرنا وإن الله قد أبقى فيكم كتابه الذي هدى به رسول الله، فإن اعتصمتم به هداكم الله لما كان هداه الله له، وأن الله قد جمع أمركم على خيركم صاحب رسول الله وثاني اثنين إذ هما في الغار، فقوموا فبايعوه، فبايع الناس أبا بكر بيعة العامة بعد بيعة السقيفة.

ثم تكلم أبو بكر، فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله، ثم قال: أما بعد أيها الناس، فإني قد وليت عليكم، ولست بخيركم، فإن أحسنت فأعينوني، وإن أسأت فقوموني، الصدق أمانة، والكذب خيانة، والضعيف منكم قوي عندي حتى أزيح علته إن شاء الله، والقوي فيكم ضعيف حتى آخذ الحق إن شاء الله، لا يدع قوم الجهاد في سبيل الله إلا ضربهم الله بالذل، ولا يشيع قوم قط الفاحشة إلا عمهم الله بالبلاء، أطيعوني ما أطعت الله ورسوله، فإذا عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم، قوموا إلى صلاتكم يرحمكم الله.

وهذا إسناد صحيح فقوله رضي الله عنه: وليتكم ولست بخيركم: من باب الهضم والتواضع، فإنهم مجمعون على أنه أفضلهم، وخيرهم رضي الله عنهم.

وقال الحافظ أبو بكر البيهقي: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد الحافظ الإسفراييني، حدثنا أبو علي الحسين بن علي الحافظ، حدثنا أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة وابن إبراهيم ابن أبي طالب قالا: حدثنا ميدار بن يسار، وحدثنا أبو هشام المخزومي، حدثنا وهيب، حدثنا داود ابن أبي هند، حدثنا أبو نضرة عن أبي سعيد الخدري قال: قبض رسول الله واجتمع الناس في دار سعد بن عبادة وفيهم أبو بكر وعمر قال: فقام خطيب الأنصار فقال: أتعلمون أن رسول الله كان من المهاجرين، وخليفته من المهاجرين، ونحن كنا أنصار رسول الله، ونحن أنصار خليفته كما كنا أنصاره.

قال: فقام عمر بن الخطاب فقال: صدق قائلكم!أما لو قلتم على غير هذا لم نبايعكم، وأخذ بيد أبي بكر وقال: هذا صاحبكم فبايعوه، فبايعه عمر، وبايعه المهاجرون والأنصار.

قال: فصعد أبو بكر المنبر فنظر في وجوه القوم فلم ير الزبير قال: فدعا بالزبير فجاء.

فقال: قلت: ابن عمة رسول الله وحواريه أردت أن تشق عصا المسلمين.

فقال: لا تثريب يا خليفة رسول الله فقام فبايعه.

ثم نظر في وجوه القوم فلم ير عليا فدعا بعلي بن أبي طالب، فجاء.

فقال: قلت: ابن عم رسول الله وختنه على ابنته، أردت أن تشق عصا المسلمين.

قال: لا تثريب يا خليفة رسول الله ، فبايعه، هذا أو معناه.

وقال أبو علي الحافظ: سمعت محمد بن إسحاق بن خزيمة يقول: جاءني مسلم بن الحجاج فسألني عن هذا الحديث، فكتبته له في رقعة وقرأته عليه، وهذا حديث يسوي بدنة، بل يسوي بدرة!.

وقد رواه البيهقي عن الحاكم، وأبي محمد بن حامد المقري، كلاهما عن أبي العباس محمد بن يعقوب الأصم، عن جعفر بن محمد بن شاكر، عن عفان بن سلم، عن وهيب به، ولكن ذكر أن الصديق هو القائل لخطيب الأنصار بدل عمر، وفيه أن زيد بن ثابت أخذ بيد أبي بكر فقال: هذا صاحبكم فبايعوه، ثم انطلقوا، فلما قعد أبو بكر على المنبر نظر في وجوه القوم فلم ير عليا، فسأل عنه، فقام ناس من الأنصار فأتوا به، فذكر نحو ما تقدم، ثم ذكر قصة الزبير بعد علي، فالله أعلم.

وقد رواه علي بن عاصم عن الجريري، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري فذكر نحو ما تقدم، وهذا إسناد صحيح محفوظ، من حديث أبي نضرة المنذر بن مالك بن قطعة عن أبي سعيد سعد بن مالك بن سنان الخدري، وفيه فائدة جليلة وهي: مبايعة علي ابن أبي طالب، أما في أول يوم، أو في اليوم الثاني من الوفاة، وهذا حق فإن علي ابن أبي طالب لم يفارق الصديق في وقت من الأوقات، ولم ينقطع في صلاة من الصلوات خلفه، كما سنذكره، وخرج معه إلى ذي القصة لما خرج الصديق شاهرا سيفه يريد قتال أهل الردة كما سنبينه قريبا، ولكن لما حصل من فاطمة رضي الله عنها عتب على الصديق بسبب ما كانت متوهمة من أنها تستحق ميراث رسول الله ولم تعلم بما أخبرها به الصديق رضي الله عنه أنه قال: «لا نورث ما تركنا فهو صدقة» فحجبها وغيرها من أزواجه وعمه عن الميراث بهذا النص الصريح، كما سنبين ذلك في موضعه، فسألته أن ينظر علي في صدقة الأرض التي بخيبر وفدك، فلم يجبها إلى ذلك، لأنه رأى أن حقا عليه أن يقوم في جميع ما كان يتولاه رسول الله وهو الصادق البار، الراشد التابع للحق رضي الله عنه فحصل لها وهي امرأة من البشر ليست بواجبة العصمة عتب وتغضب، ولم تكلم الصديق حتىماتت، واحتاج علي أن يراعي خاطرها بعض الشيء، فلما ماتت بعد ستة أشهر من وفاة أبيها رأى علي أن يجدد البيعة مع أبي بكر رضي الله عنه، كما سنذكره من الصحيحين، وغيرهما فيما بعد إن شاء الله تعالى مع ما تقدم له من البيعة قبل دفن رسول الله .

ويزيد ذلك صحة قول موسى بن عقبة في مغازيه عن سعد بن إبراهيم، حدثني أبي أن أباه عبد الرحمن بن عوف كان مع عمر، وأن محمد بن مسلمة كسر سيف الزبير، ثم خطب أبو بكر واعتذر إلى الناس وقال: ما كنت حريصا على الإمارة يوما ولا ليلة، ولا سألتها في سر ولا علانية، فقبل المهاجرون مقالته، وقال علي والزبير: ما غضبنا إلا لأنا أخرنا عن المشورة، وإنا نرى أن أبا بكر أحق الناس بها، إنه لصاحب الغار، وإنا لنعرف شرفه وخبره، ولقد أمره رسول الله أن يصلي بالناس وهو حي.

إسناد جيد، ولله الحمد والمنة.

البداية والنهاية - الجزء الخامس
ذكر غزوة تبوك في رجب 9 هجرية | فصل فيمن تخلف معذورا من البكائين وغيرهم | فصل تخلف عبد الله ابن أبي وأهل الريب عام تبوك | مروره صلى الله عليه وسلم بمساكن ثمود | ذكر خطبته صلى الله عليه وسلم إلى تبوك إلى نخلة هناك | الصلاة على معاوية ابن أبي معاوية | قدوم رسول قيصر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بتبوك | مصالحته عليه السلام ملك أيلة وأهل جرباء وأذرح قبل رجوعه من تبوك | بعثه عليه السلام خالد بن الوليد إلى أكيدر دومة | فصل | قصة مسجد الضرار | ذكر أقوام تخلفوا من العصاة غير هؤلاء | ما كان من الحوادث بعد منصرفه من تبوك | قدوم وفد ثقيف على رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان من سنة تسع | موت عبد الله بن أبي قبحه الله | فصل غزوة تبوك آخر غزوة غزاها رسول الله عليه السلام | أبو بكر الصديق أميرا على الحج | موت النجاشي سنة تسع وموت أم كلثوم بنت رسول الله | كتاب الوفود الواردين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم | حديث في فضل بني تميم | وفد بني عبد القيس | قصة ثمامة ووفد بني حنيفة ومعهم مسيلمة الكذاب | وفد أهل نجران | وفد بني عامر وقصة عامر بن الطفيل وأربد بن مقيس | قدوم ضمام بن ثعلبة وافدا على قومه | فصل إسلام ضماد الأزدي وقومه | وفد طيء مع زيد الخيل رضي الله عنه | قصة عدي بن حاتم الطائي | قصة دوس والطفيل بن عمرو | قدوم الأشعريين وأهل اليمن | قصة عمان والبحرين | وفود فروة بن مسيك المرادي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم | قدوم عمرو بن معد يكرب في أناس من زبيد | قدوم الأشعث بن قيس في وفد كندة | قدوم أعشى بن مازن على النبي صلى الله عليه وسلم | قدوم صرد بن عبد الله الأزدي في نفر من قومه ثم وفود أهل جرش بعدهم | قدوم رسول ملوك حمير إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم | قدوم جرير بن عبد الله البجلي وإسلامه | وفادة وائل بن حجر أحد ملوك اليمن | وفادة لقيط بن عامر المنتفق أبي رزين العقيلي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم | وفادة زياد بن الحارث رضي الله عنه | وفادة الحارث بن حسان البكري إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم | وفادة عبد الرحمن ابن أبي عقيل مع قومه | قدوم طارق بن عبيد الله وأصحابه | قدوم وافد فروة بن عمرو الجذامي صاحب بلاد معان | قدوم تميم الداري على رسول الله صلى الله عليه وسلم | وفد بني أسد | وفد بني عبس | وفد بني فزارة | وفد بني مرة | وفد بني ثعلبة | وفد بني محارب | وفد بني كلاب | وفد بني رؤاس من كلاب | وفد بني عقيل بن كعب | وفد بني قشير بن كعب | وفد بني البكاء | وفد كنانة | وفد أشجع | وفد باهلة | وفد بني سليم | وفد بني هلال بن عامر | وفد بني بكر بن وائل | وفد بني تغلب | وفادات أهل اليمن: وفد تجيب | وفد خولان | وفد جعفي | فصل في قدوم الأزد على رسول الله صلى الله عليه وسلم | وفد كندة | وفد الصدف | وفد خشين | وفد بني سعد | وفد السباع | فصل ذكر وفود الجن بمكة قبل الهجرة | سنة عشر من الهجرة باب بعث رسول الله خالد بن الوليد | بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم الأمراء إلى أهل اليمن | بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم علي وخالد إلى اليمن | كتاب حجة الوداع في سنة عشر | باب بيان أنه عليه السلام لم يحج من المدينة إلا حجة واحدة | باب خروجه عليه السلام من المدينة لحجة الوداع | باب صفة خروجه عليه السلام من المدينة إلى مكة للحج | باب بيان الموضع الذي أهل منه عليه السلام | باب بسط البيان لما أحرم به عليه السلام في حجته هذه | ذكر ما قاله أنه صلى الله عليه وسلم حج متمتعا | ذكر حجة من ذهب إلى أنه عليه السلام كان قارنا | اختلاف جماعة من الصحابة في صفة حج رسول الله | فصل عدم نهي النبي عليه السلام عن حج التمتع والقران | ذكر تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم | فصل في التلبية | ذكرالأماكن التي صلى فيها صلى الله عليه وسلم وهو ذاهب من المدينة إلى مكة في عمرته وحجته | باب دخول النبي صلى الله عليه وسلم إلى مكة شرفها الله عز وجل | صفة طوافه صلوات الله وسلامه عليه | ذكر رمله عليه السلام في طوافه واضطباعه | ذكر طوافه صلى الله عليه وسلم بين الصفا والمروة | فصل من لم يسق معه هدي فليحل ويجعلها عمرة | فصل قول بعض الصحابة فيمن لم يسق الهدي بفسخ الحج إلى العمرة | فصل نزول النبي عليه السلام بالأبطح شرقي مكة | فصل قدوم رسول الله منيخ بالبطحاء خارج مكة | فصل صلاته صلى الله عليه وسلم بالأبطح الصبح وهو يوم التروية | فصل دعاؤه صلى الله عليه وسلم يوم عرفة | ذكر ما نزل على رسول الله من الوحي في هذا الموقف | ذكر إفاضته عليه السلام من عرفات إلى المشعر الحرام | فصل تقديم رسول الله ضعفة أهله بالليل ليقفوا بالمزدلفة | ذكر تلبيته عليه السلام بالمزدلفة | وقوفه عليه السلام بالمشعر الحرام ودفعه من المزدلفة قبل طلوع الشمس | ذكر رميه عليه السلام جمرة العقبة وحدها يوم النحر | فصل انصراف رسول الله إلى المنحر واشراكه سيدنا علي بالهدي | صفة حلقه رأسه الكريم عليه الصلاة والتسليم | فصل تحلله صلى الله عليه وسلم بعد رمي جمرة العقبة | ذكر إفاضته صلى الله عليه وسلم إلى البيت العتيق | فصل اكتفاء رسول الله عليه السلام بطوافه الأول | فصل رجوعه عليه الصلاة والسلام إلى منى | فصل خطبة رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم النحر | فصل نزوله عليه الصلاة والسلام في منى | فصل خطبة النبي عليه الصلاة والسلام في ثاني أيام التشريق | حديث الرسول صلى الله عليه وسلم يزور البيت كل ليلة من ليالي منى | فصل يوم الزينة | فصل خروج النبي صلى الله عليه وسلم من مكة | فائدة عزيزة | فصل خطبته صلى الله عليه وسلم بين مكة والمدينة | سنة إحدى عشرة من الهجرة | فصل في الآيات والأحاديث المنذرة بوفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم | ذكر أمره عليه السلام أبا بكر الصديق رضي الله عنه أن يصلي بالصحابة أجمعين | احتضاره ووفاته عليه السلام | فصل في ذكر أمور مهمة وقعت بعد وفاته صلى الله عليه وسلم وقبل دفنه | قصة سقيفة بني ساعدة | فصل خلافة أبي بكر | فصل في ذكر الوقت الذي توفي فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم | صفة غسله عليه السلام | صفة كفنه عليه الصلاة والسلام | كيفية الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم | صفة دفنه عليه السلام وأين دفن | آخر الناس به عهدا عليه الصلاة والسلام | متى وقع دفنه عليه الصلاة والسلام | صفة قبره عليه الصلاة والسلام | ما أصاب المسلمين من المصيبة بوفاته صلى الله عليه وسلم | ما ورد من التعزية به عليه الصلاة والسلام | فصل فيما روي من معرفة أهل الكتاب بيوم وفاته عليه السلام | فصل ارتداد العرب بوفاته صلى الله عليه وسلم | فصل قصائد حسان بن ثابت رضي الله عنه في وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم | باب ميراث رسول الله صلى الله عليه وسلم | باب بيان أنه عليه السلام قال لا نورث | بيان رواية الجماعة لما رواه الصديق وموافقتهم على ذلك | فصل النبي صلى الله عليه وسلم لا يورث | باب زوجاته وأولاده صلى الله عليه وسلم | فصل فيمن خطبها عليه السلام ولم يعقد عليها | فصل في ذكر سراريه عليه السلام | فصل في ذكر أولاده عليه الصلاة والسلام | باب ذكر عبيده عليه الصلاة والسلام وإمائه وخدمه وكتابه وأمنائه | إماؤه عليه السلام | فصل وأما خدامه عليه السلام الذين خدموه من الصحابة | فصل أما كتاب الوحي وغيره بين يديه صلوات الله وسلامه عليه | فصل أمناء الرسول صلى الله عليه وسلم