البداية والنهاية/الجزء الخامس/فصل في قدوم الأزد على رسول الله صلى الله عليه وسلم
ذكر أبو نعيم في كتاب (معرفة الصحابة) والحافظ أبو موسى المديني من حديث أحمد ابن أبي الحواري قال: سمعت أبا سليمان الداراني قال: حدثني علقمة بن مرثد بن سويد الأزدي قال: حدثني أبي عن جدي، عن سويد بن الحارث قال: وفدت سابع سبعة من قومي على رسول الله ﷺ، فلما دخلنا عليه وكلمناه فأعجبه ما رأى من سمتنا وزينا.
فقال: «ما أنتم»؟
قلنا: مؤمنون.
فتبسم رسول الله ﷺ وقال: «إن لكل قول حقيقة فما حقيقة قولكم وإيمانكم».
قلنا: خمس عشرة خصلة؛ خمس منها أمرتنا بها رسلك أن نؤمن بها، وخمس أمرتنا أن نعمل بها، وخمس تخلقنا بها في الجاهلية فنحن عليها إلا أن تكره منها شيئا.
فقال رسول الله ﷺ: «ما الخمسة التي أمرتكم بها رسلي أن تؤمنوا بها؟».
قلنا: أمرتنا أن نؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، والبعث بعد الموت.
قال: «وما الخمسة التي أمرتكم أن تعملوا بها؟».
قلنا: أمرتنا أن نقول: لا إله إلا الله، ونقيم الصلاة، ونؤتي الزكاة، ونصوم رمضان، ونحج البيت من استطاع إليه سبيلا.
فقال: «وما الخمسة الذي تخلقتم بها في الجاهلية؟».
قالوا: الشكر عند الرخاء، والصبر عند البلاء، والرضى بمر القضاء، والصدق في مواطن اللقاء، وترك الشماتة بالأعداء.
فقال رسول الله ﷺ: «حكماء علماء كادوا من فقههم أن يكونوا أنبياء».
ثم قال: «وأنا أريدكم خمسا فيتم لكم عشرون خصلة إن كنتم كما تقولون، فلا تجمعوا ما لا تأكلون، ولا تبنوا مالا تسكنون، ولا تنافسوا في شيء أنتم عنه غدا تزولون، واتقوا الله الذي إليه ترجعون وعليه تعرضون، وارغبوا فيما عليه تقدمون وفيه تخلدون».
فانصرف القوم من عند رسول الله ﷺ وحفظوا وصيته، وعملوا بها.