الفتاوى الكبرى/كتاب الذكر والدعاء/4
فصل
وأصل هذا الباب أنه ليس في شريعة الإسلام بقعة تقصد لعبادة الله فيها بالصلاة والدعاء والذكر والقراءة ونحو ذلك إلا مساجد المسلمين ومشاعر الحج وأما المشاهد التي على القبور سواء جعلت مساجد أو لم تجعل أو المقامات التي تضاف إلى بعض الأنبياء أو الصالحين أو المغارات والكهوف أو غير ذلك مثل الطور الذي كلم الله عليه موسى ومثل غار حراء الذي كان النبي ﷺ يتحنث فيه قبل نزول الوحي عليه والغار الذي ذكره الله في قوله { ثاني اثنين إذ هما في الغار } والغار الذي بجبل قاسيون بدمشق الذي يقال له مغارة الذم والمقامان اللذان بجانبيه الشرقي والغربي يقال لأحدهما مقام إبراهيم ويقال للآخر مقام عيسى وما أشبه هذه البقاع والمشاهد في شرق الأرض وغربها
فهذه لا يشرع السفر إليها لزيارتها ولو نذر ناذر السفر إليها لم يجب عليه الوفاء بنذره باتفاق أئمة المسلمين بل قد ثبت في الصحيحين عن النبي ﷺ ومن حديث أبي هريرة وأبي سعيد وهو يروى عن غيرهما: أنه قال: [ لا تشد الرحال إلا إلى
ثلاثة مساجد: المسجد الحرام والمسجد الأقصى ومسجدي هذا ]
وقد كان أصحاب رسول الله ﷺ لما فتحوا هذه البلاد: بلاد الشام والعراق ومصر وخراسان والمغرب وغيرها: لا يقصدون هذه البقاع ولا يزورونها ولا يقصدون الصلاة والدعاء فيها بل كانوا مستمسكين بشريعة نبيهم يعمرون المساجد التي قال الله فيها: { ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه }
وقال { إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله }
وقال تعالى: { قل أمر ربي بالقسط وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد }
وقال تعالى: { وأن المساجد لله فلا تدعو مع الله أحدا }
وأمثال هذه النصوص وفي الصحيحين: عن النبي ﷺ أنه قال: [ صلاة الرجل في المسجد تفضل على صلاته في بيته وسوقه بخمس وعشرين درجة وذلك أن الرجل إذا توضأ فأحسن الوضوء ثم أتى المسجد لا ينهزه إلا الصلاة فيه كانت خطوتاه أحدهما ترفع درجة والأخرى تحط خطيئة فإذا جلس ينتظر الصلاة كان في صلاة ما دام ينتظر الصلاة فإذا قضى الصلاة فإن الملائكة تصلي على أحدهم ما دام في مصلاه تقول اللهم اغفر له اللهم ارحمه ]
وقد تنازع المتأخرون فيمن سافر لزيارة قبر نبي أو نحو ذلك من المشاهد والمحققون منهم قالوا: إن هذا سفر معصية ولا يقصر الصلاة فيه كمن لا يقصر في سفر المعصية كما ذكر ذلك ابن عقيل وغيره
وكذلك ذكر أبو عبد الله بن بطة: أن هذا من البدع المحدثة في الإسلام بل نفس قصد هذه البقاع للصلاة فيها والدعاء ليس له أصل في شريعة المسلمين ولم ينقل عن السابقين الأولين رضي الله عنهم وأرضاهم أنهم كانوا يتحرون هذه البقاع للدعاء والصلاة بل لا يقصدن إلا مساجد الله بل المساجد المبنية على غير الوجه الشرعي لا يقصدونها أيضا كمسجد الضرار الذي قال الله فيه:
{ والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا وتفريقا بين المؤمنين وإرصادا لمن حارب الله ورسوله من قبل وليحلفن إن أردنا إلا الحسنى والله يشهد إنهم لكاذبون * لا تقم فيه أبدا لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين }
بل المساجد المبنية على قبور الأنبياء والصالحين لا تجوز الصلاة فيها وبناؤها محرم كما قد نص على ذلك غير واحد من الأئمة لما استفاض عن النبي ﷺ في الصحاح والسنن والمسانيد أنه قال: [ إن من كان قبلكم كانوا يتخذون القبور مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك ]
وقال في مرض موته: [ لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ] يحذر ما فعلوا
قالت عائشة: ولولا ذلك لأبرز قبره ولكن كره أن يتخذ مسجدا وكانت حجرة النبي ﷺ خارجة عن مسجده فلما كان في إمرة الوليد بن عبد الملك كتب إلى عمر ابن عبد العزيز عامله على المدينة النبوية أن يزيد في المسجد فاشترى حجر أزواج النبي ﷺ وكانت شرقي المسجد وقبلته فزادها في المسجد فدخلت الحجرة إذ ذاك في المسجد وبنوها مسنمة عن سمت القبلة لئلا يصل أحد إليها
وكذلك قبر إبراهيم الخليل لما فتح المسلمون البلاد كان عليه السور السليماني ولا يدخل إليه أحد ولا يصلي أحد عنده بل كان يصلي المسلمين بقرية الخليل بمسجد هناك وكان الأمر على ذلك على عهد الخلفاء الراشدين ومن بعدهم إلى أن نقب ذلك السور ثم جعل فيه باب ويقال أن النصارى هم نقبوه وجعلوه كنيسة ثم لما أخذ المسلمون منهم البلاد جعل ذلك مسجدا
ولهذا كان العلماء الصالحون من المسلمين لا يصلون في ذلك المكان هذا إذا كان القبر صحيحا فكيف وعامة القبور المنسوبة إلى الأنبياء كذب مثل: القبر الذي يقال أنه قبر نوح فإنه كذب لا ريب فيه وإنما أظهره الجهال من مدة قريبة وكذلك قبر غيره
فصل
وأما عسقلان فإنها كانت ثغرا من ثغور المسلمين كان صالحو المسلمين يقيمون بها لأجل الرباط في سبيل الله وهكذا سائر البقاع التي مثل هذا الجنس مثل: جبل لبنان والإسكندرية ومثل عبادان ونحوها بأرض العراق ومثل قزوين ونحوها من البلاد التي كانت ثغورا فهذه كان الصالحون يقصدونها لأجل الرباط في سبيل الله فإنه قد ثبت في صحيح مسلم عن سلمان الفارسي عن النبي ﷺ أنه قال: [ رباط يوم وليلة في سبيل الله خير من صيام شهر وقيامه ومن مات مرابطا مات مجاهدا وأجرى عليه عمله وأجرى عليه رزقه من الجنة وأمن الفتان ]
وفي سنن أبي داود وغيره: عن عثمان عن النبي ﷺ أنه قال: [ رباط يوم في سبيل الله خير من ألف يوم سواه من المنازل ]
وقال أبو هريرة: لأن أرابط ليلة في سبيل الله أحب إلي من أن أقوم ليلة القدر عند الحجر الأسود
ولهذا قال العلماء: أن الرباط بالثغور أفضل من المجاورة بالحرمين الشريفين لأن المرابطة من جنس الجهاد والمجاورة من جنس الحج وجنس الجهاد أفضل باتفاق المسلمين من جنس الحج
كما قال تعالى: { أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله لا يستون عند الله والله لا يهدي القوم الظالمين * الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم أعظم درجة عند الله وأولئك هم الفائزون * يبشرهم ربهم برحمة منه ورضوان وجنات لهم فيها نعيم مقيم * خالدين فيها أبدا إن الله عنده أجر عظيم }
فهذا هو الأصل في تعظيم هذه الأمكنة ثم من هذه الأمكنة ما سكنه بعد ذلك الكفار وأهل البدع والفجور ومنها ما خرب وصار ثغرا غير هذه الأمكنة والبقاع تتغير أحكامها بتغير أحوال أهلها فقد تكون البقعة دار كفر إذا كان أهلها كفارا ثم تصير دار إسلام إذا أسلم أهلها كما كانت مكة شرفها الله في أول الأمر دار كفر وحرب وقال الله فيها: { وكأين من قرية هي أشد قوة من قريتك التي أخرجتك }
ثم لما فتحها النبي ﷺ صارت دار إسلام وهي في نفسها أم القرى وأحب الأرض إلى الله وكذلك الأرض المقدسة كان فيها الجبارون الذين ذكرهم الله تعالى كما قال تعالى: { وإذ قال موسى لقومه يا قوم اذكروا نعمة الله عليكم إذ جعل فيكم أنبياء وجعلكم ملوكا وآتاكم ما لم يؤت أحدا من العالمين * يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم ولا ترتدوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرين * قالوا يا موسى إن فيها قوما جبارين وإنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها فإن يخرجوا منها فإنا داخلون } الآيات
وقال تعالى لما أنجى موسى وقومه من الغرق: { سأريكم دار الفاسقين }
وكانت تلك الديار ديار الفاسقين لما كان يسكنها إذ ذاك الفاسقون ثم لما سكنها الصالحون صارت دار الصالحين وهذا أصل يجب أن يعرف فإن البلد قد تحمد أو تذم في بعض الأوقات لحال أهله ثم يتغير حال أهله فيتغير الحكم فيهم إذ المدح والذم والثواب والعقاب إنما يترتب على الإيمان والعمل الصالح أو على ضد ذلك من الكفر والفسوق والعصيان قال الله تعالى: { يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام }
وقال النبي ﷺ: [ لا فضل لعربي على عجمي ولا لعجمي على عربي ولا لأبيض على أسود ولا لأسود على أبيض إلا بالتقوى الناس بنو آدم وآدم من تراب ]
وكتب أبو الدرداء إلى سليمان الفارسي وكان النبي ﷺ قد آخى بينهما لما آخى بين المهاجرين والأنصار وكان أبو الدرداء بالشام وسلمان بالعراق نائبا لعمر بن الخطاب: أن هلم إلى الأرض المقدسة فكتب إليه سلمان إن الأرض لا تقدس أحدا وإنما يقدس الرجل عمله
فصل
وقد تبين الجواب في سائر المسائل المذكورة بأن قصد الصلاة والدعاء عندما يقال أنه قدم نبي أو أثر نبي أو قبر نبي أو قبر بعض الصحابة أو بعض الشيوخ أو بعض أهل البيت أو الأبراج أو الغير إنه من البدع المحدثة المنكرة في الإسلام لم يشرع ذلك رسول الله ﷺ ولا كان السابقون الأولون والتابعون لهم بإحسان يفعلونه ولا استحبه أحد من أئمة المسلمين بل هو من أسباب الشرك وذرائع الأفك والكلام على هذا مبسوط في غير هذا الجواب
فصل
وأما قول القائل: إذا عثر: يا جاه محمد يا للست نفيسة أو يا سيدي الشيخ فلان أو نحو ذلك مما فيه استعانته وسؤاله فهو من المحرمات وهو من جنس الشرك فإن الميت سواء كان نبيا أو غير نبي لا يدعى ولا يسأل ولا يستغاث به لا عند قبره ولا مع البعد من قبره بل هذا من جنس دين النصارى الذين اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح بن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون ومن جنس الذين قال فيهم { قل ادعوا الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلا * أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه إن عذاب ربك كان محذورا }
وقد قال تعالى: { ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عبادا لي من دون الله ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون * ولا يأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أربابا أيأمركم بالكفر بعد إذ أنتم مسلمون } وقد بسط هذا في غير هذا الموضع
فصل
وكذلك النذر للقبور أو لأحد من أهل القبور كالنذر لإبراهيم الخليل أو للشيخ فلان أو فلان أو فلان أو لبعض أهل البيت أو غيرهم نذر معصية لا يجب الوفاء به باتفاق أئمة الدين بل ولا يجوز الوفاء به فإنه قد ثبت في الصحيح عن النبي ﷺ أنه قال: [ من نذر أن يطيع الله فليطعه ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه ]
وفي السنن عنه ﷺ أنه قال: [ لعن الله زوارات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج ]
فقد لعن رسول الله ﷺ من يبني على القبور المساجد ويسرج فيها السرج: كالقناديل والشمع وغير ذلك وإذا كان هذا ملعونا فالذي يضع فيه قناديل الذهب والفضة وشمعدان الذهب والفضة ويضعها عند القبور أولى باللعنة فمن نذر زيتا أو شمعا أو ذهبا أو فضة أو سترا أو غير ذلك ليجعل عند قبر نبي من الأنبياء أو بعض الصحابة أو القرابة أو المشايخ فهو نذر معصية لا يجوز الوفاء به وهل عليه كفارة يمين فيه قولان للعلماء وإن تصدق بما نذره على من يستحق من أهل بيت النبي ﷺ وغيرهم من الفقراء الصالحين كان خيرا له عند الله وأنفع له فإن هذا عمل صالح يثيبه الله عليه فإن الله يجزي المتصدقين ولا يضيع أجر المحسنين والمتصدق يتصدق لوجه الله ولا يطلب أجره من المخلوقين بل من الله تعالى كما قال تعالى: { وسيجنبها الأتقى * الذي يؤتي ماله يتزكى * وما لأحد عنده من نعمة تجزى * إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى * ولسوف يرضى }
وقال تعالى: { ومثل الذين ينفقون أموالهم ابتغاء مرضاة الله وتثبيتا من أنفسهم كمثل جنة بربوة } الآية
وقال عن عباده الصالحين: { إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا }
ولهذا لا ينبغي لأحد أن يسأل بغير الله مثل الذي يقول كرامة لأبي بكر ولعلي أو للشيخ فلان أو الشيخ فلان بل لا يعطي إلا من سأل لله وليس لأحد أن يسأل لغير الله فإن إخلاص الذي لله واجب في جميع العبادات البدنية والمالية: كالصلاة والصدقة والصيام والحج فلا يصلح الركوع والسجود إلا لله ولا الصيام إلا لله ولا الحج إلا إلى بيت الله ولا الدعاء إلا لله قال تعالى: { وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله }
وقال تعالى: { واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون }
وقال تعالى: { تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم * إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق فاعبد الله مخلصا له الدين }
وهذا هو أصل الإسلام وهو أن لا تعبد إلا الله ولا نعبده إلا بما شرع لا تعبده بالبدغ كما قال تعالى: { فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا }
وقال تعالى: { ليبلوكم أيكم أحسن عملا }
قال الفضيل بن عياض: أخلصه وأصوبه قالوا: يا أبا علي ما أخلصه وأصوبه قال: إن العمل إذا كان خالصا ولم يكن صوابا لم يقبل وإذا كان صوابا ولم يكن خالصا لم يقبل حتى يكون خالصا صوابا والخالص أن يكون لله والصواب أن يكون على السنة والكتاب
هذا كله لأن الدين دين الله بلغه عنه رسوله فلا حرام إلا ما حرمه الله ولا دين إلا ما شرعه الله والله تعالى ذم المشركين لأنهم شرعوا في الدين ما لم يأذن به الله فحرموا أشياء لم يحرمها الله كالبحيرة والسائبة والوصيلة والحام وشرعوا دينا لم يأذن به الله كدعاء غيره وعبادته والرهبانية التي ابتدعها النصارى
والإسلام دين الرسل كلهم أولهم وآخرهم كلهم بعثوا بالإسلام كما قال نوح عليه السلام: { يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت فأجمعوا أمركم وشركاءكم ثم لا يكن أمركم عليكم غمة ثم اقضوا إلي ولا تنظرون * فإن توليتم فما سألتكم من أجر إن أجري إلا على الله وأمرت أن أكون من المسلمين }
وقال تعالى: { ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه ولقد اصطفيناه في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين * إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين * ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب يا بني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون }
وقال تعالى: { وقال موسى يا قوم إن كنتم آمنتم بالله فعليه توكلوا إن كنتم مسلمين }
وقال تعالى: { وإذ أوحيت إلى الحواريين أن آمنوا بي وبرسولي قالوا آمنا واشهد بأننا مسلمون }
وقد ثبت في الصحيحين: عن النبي ﷺ أنه قال: [ إنا معاشر الأنبياء ديننا واحد ] فدين الرسل كلهم دين واحد وهو دين الإسلام وهو عبادة الله وحده لا شريك له بما أمر به وشرعه كما قال: { شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه كبر على المشركين ما تدعوهم إليه }
وإنما يتنوع في هذا الدين الشرعة والمنهاج كما قال: لكل منكم شرعة ومنهاجا
كما يتنوع شريعة الرسول الواحد
فقد كان الله أمر محمدا ﷺ في أول الإسلام أن يصلي إلى بيت المقدس ثم أمره في السنة الثانية من الهجرة أن يصلي إلى الكعبة البيت الحرام وهذا في وقته كان من دين الإسلام وكذلك شريعة التوراة في وقتها كانت من دين الإسلام وشريعة الإنجيل في وقته كانت من دين الإسلام ومن آمن بالتوراة ثم كذب بالإنجيل خرج من دين الإسلام وكان كافرا وكذلك من آمن بالكتابين المتقدمين وكذب بالقرآن كان كافرا خارجا من دين الإسلام يتضمن الإيمان بجميع الكتب وجميع الرسل
كما قال تعالى: { قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون } الآية