الفتاوى الكبرى/كتاب الصلاة/6

58 - 142 - سئل: عن رجل قيل له: لا يجوز الجهر بالنية في الصلاة ولا أمر به النبي فقال: صحيح أنه ما فعله النبي ولا أمر به لكن ما نهى عنه ولا تبطل صلاة من جهر بها ثم إنه قال: لنا بدعة حسنة وبدعة سيئة واحتج بالتراويح: أن رسول الله ما جمعها ولا نهى عنها وأن عمر الذي جمع الناس عليها وأمر بها فهل هو كما قال؟ وهل تسمى سنن الخلفاء الراشدين بدعة؟ وهل [ يقاس ] على سننهم ما سنه غيرهم فهل لها أصل فيما يقوله ويفعله؟ وقوله: ولا تبطل صلاة من جهر بالنية في الصلاة وغيرها فهل يأثم المنكر عليه أم لا؟؟

أجاب: الحمد لله: الجهر بالنية في الصلاة من البدع السيئة ليس من البدع الحسنة وهذا متفق عليه بين المسلمين لم يقل أحد منهم أن الجهر بالنية مستحب ولا هو بدعة حسنة فمن قال ذلك فقد خالف سنة الرسول وإجماع الأئمة الأربعة وغيرهم وقائل هذا يستتاب فإن تاب وإلا عوقب بما يستحقه

وإنما تنازع الناس في نفس التلفظ بها سرا هل يستحب أم لا؟ على قولين والصواب أنه لا يستحب التلفظ بها فإن النبي وأصحابه لم يكونوا يتلفظون بها لا سرا ولا جهرا والعبادات التي شرعها النبي لأمته ليس لأحد تغييرها ولا إحداث بدعة فيها

وليس لأحد أن يقول: إن مثل هذا من البدع الحسنة مثل ما أحدث بعض الناس الأذان في العيدين والذي أحدثه مروان بن الحكم فأنكر الصحابة والتابعون لهم بإحسان ذلك هذا وإن كان الأذان ذكر الله لأنه ليس من السنة وكذلك لما أحدث الناس اجتماعا راتبا غير الشرعي: مثل الاجتماع على صلاة معينة أول رجب أو أول ليلة جمعة فيه وليلة النصف من شعبان فأنكر ذلك علماء المسلمين

ولو أحدث ناس صلاة سادسة يجتمعون عليها غير الصلوات الخمس لأنكر ذلك عليهم المسلمون وأخذوا على أيديهم

وأما قيام رمضان: فإن رسول الله سنه لأمته وصلى بهم جماعة عدة ليال وكانوا على عهده يصلون جماعة وفرادى لكن لم يداوموا على جماعة واحدة لئلا تفرض عليهم فلما مات النبي استقرت الشريعة فلما كان عمر - رضي الله عنه - جمعهم على إمام واحد وهو أبي بن كعب الذي جمع الناس عليها بأمر عمر بن الخطاب رضي الله عنه

وعمر - رضي الله عنه - هو من الخلفاء الراشدين حيث يقول [ عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ ] يعني الأضراس لأنها أعظم من القوة

وهذا الذي فعله هو سنة لكنه قال نعمت البدعة هذه فإنها بدعة في اللغة لكونهم فعلوا ما لم يكونوا يفعلونه في حياة رسول الله يعني من الإجتماع على مثل هذه وهي سنة من الشريعة

وهكذا إخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب وهي الحجاز واليمن واليمامة وكل البلاد الذي لم يبلغه ملك فارس والروم من جزيرة العرب ومصر الأمصار: كالكوفة والبصرة وجمع القرآن في مصحف واحد وفرض الديوان والأذان الأول يوم الجمعة واستنابة من يصلي بالناس يوم العيد خارج المصر ونحو ذلك مما سنه الخلفاء الراشدون لأنهم سنوه بأمر الله ورسوله فهو سنة وإن كان في اللغة يسمى بدعة

وأما الجهر بالنية وتكريرها: فبدعة سيئة ليست مستحبة باتفاق المسلمين لأنها لم يكن يفعلها رسول الله ولا خلفاؤه الراشدون

143 - / 59 - مسألة: في رجل إذا صلى يشوش على الصفوف الذي حواليه بالجهر بالنية وأنكروا عليه مرة ولم يرجع وقال له إنسان: هذا الذي تفعله ما هو من دين الله وأنت مخالف فيه السنة فقال: هذا دين الله الذي بعث به رسله ويجب على كل مسلم أن يفعل هذا وكذلك تلاوة القرآن يجهر بها خلف الإمام فهل هكذا كان يفعل رسول الله ؟ أو أحد من الصحابة؟ أو أحد من الأئمة الأربعة؟ أو من علماء المسلمين فإذا كان لم يكن رسول الله وأصحابه والعلماء يعملون هذا في الصلاة فماذا يجب على من ينسب هذا إليهم وهو يعمله؟ فهل يحل للمسلم أن يعينه بكلمة واحدة إذا عمل هذا ونسبه إلى أنه من الدين ويقول للمنكرين عليه كل يعمل في دينه ما يشتهي؟ وإنكاركم علي جهل وهل هم مصيبون في ذلك أم لا؟

الجواب: الحمد لله الجهر بلفظ النية ليس مشروعا عند أحد من علماء المسلمين ولا فعله رسول الله ولا فعله أحد من خلفائه وأصحابه وسلف الأمة وأئمتها ومن ادعى أن ذلك دين الله وأنه واجب فإنه يجب تعريفه الشريعة واستتابته من هذا القول فإن أصر على ذلك قتل بل النية الواجبة في العبادات كالوضوء والغسل والصلاة والصيام والزكاة وغير ذلك محلها القلب باتفاق أئمة المسلمين

والنية هي القصد والإرادة والقصد والإرادة محلهما القلب دون اللسان باتفاق العقلاء فلو نوى بقلبه صحت نيته عند الأئمة الأربعة وسائر أئمة المسلمين من الأولين والآخرين وليس في ذلك خلاف عند من يقتدى به ويفتى بقوله ولكن بعض المتأخرين من اتباع الأئمة زعم أن اللفظ بالنية واجب ولم يقل إن الجهر بها واجب ومع هذا فهذا القول خطأ صريح مخالف لاجماع المسلمين ولما علم بالاضطرار من دين الإسلام عند من يعلم سنة رسول الله وسنة خلفائه وكيف كان يصلي الصحابة والتابعون فإن كل من يعلم ذلك يعلم أنهم لم يكونوا يتلفظون بالنية ولا أمرهم النبي بذلك ولا علمه لأحد من الصحابة بل قد ثبت في الصحيحين وغيرهما أنه قال للأعرابي المسيء في صلاته: [ إذا قمت إلى الصلاة فكبر ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن ]

وفي السنن عنه أنه قال: [ مفتاح الصلاة الطهور وتحريمها التكبير وتحليلها التسليم ] وفي صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها [ أن النبي كان يفتتح الصلاة بالتكبير والقراءة بالحمد لله رب العالمين ] وقد ثبت بالنقل المتواتر وإجماع المسلمين أن النبي والصحابة كانوا يفتتحون الصلاة بالتكبير

ولم ينقل مسلم لا عن النبي ولا عن أحد من الصحابة أنه قد تلفظ قبل التكبير بلفظ النية لا سرا ولا جهرا ولا أنه أمر بذلك ومن المعلوم أن الهمم والدواعي متوفرة على نقل ذلك لو كان ذلك وأنه يمتنع على أهل التواتر عادة وشرعا كتمان نقل ذلك فإذا لم ينقله أحد علم قطعا أنه لم يكن

ولهذا يتنازع الفقهاء المتأخرون في اللفظ بالنية: هل هو مستحب مع النية التي في القلب؟ فاستحبه طائفة من أصحاب أبي حنيفة والشافعي وأحمد قالوا لأنه أوكد وأتم تحقيقا للنية ولم يستحبه طائفة من أصحاب مالك وأحمد وغيرهما وهو المنصوص عن أحمد وغيره بل رأوا أنه بدعة مكروهة

قالوا: لو أنه كان مستحبا لفعله رسول الله أو لأمر به فإنه قد بين كل ما يقرب إلى الله لا سيما الصلاة التي لا تؤخذ صفتها إلا عنه وقد ثبت عنه في الصحيح أنه قال: [ صلوا كما رأيتموني أصلي ]

قال هؤلاء فزيادة هذا وأمثاله في صفة الصلاة بمنزلة سائر الزيادات المحدثة في العبادات كمن زاد في العيدين الأذان والإقامة ومن زاد في السعي صلاة ركعتين على المروة وأمثال ذلك

قالوا: وأيضا فإن التلفظ بالنية فاسد في العقل فإن قول القائل أنوي أن أفعل كذا وكذا بمنزلة قوله أنوي آكل هذا الطعام لأشبع وأنوي ألبس هذا الثوب لاستتر وأمثال ذلك من النيات الموجودة في القلب التي يستقبح النطق بها وقد قال الله تعالى: { أتعلمون الله بدينكم والله يعلم ما في السماوات وما في الأرض } وقال طائفة من السلف في قوله: { إنما نطعمكم لوجه الله } قالوا: لم يقولوه بألسنتهم وإنما علمه الله من قلوبهم فأخبر به عنهم

وبالجملة: فلا بد من النية في القلب بلا نزاع وأما التلفظ بها سرا فهل يكره أو يستحب؟ فيه نزاع بين المتأخرين

وأما الجهر بها فهو مكروه منهي عنه غير مشروع باتفاق المسلمين وكذلك تكريرها أشد وأشد

وسواء في ذلك الإمام والمأموم والمنفرد فكل هؤلاء لا يشرع لأحد منهم أن يجهر بلفظ النية ولا يكررها باتفاق المسلمين بل ينهون عن ذلك بل جهر المنفرد بالقراءة إذا كان فيه أذى لغيره لم يشرع كما خرج النبي على أصحابه وهم يصلون فقال: [ أيها الناس كلكم يناجي ربه فلا يجهر بعضكم على بعض بالقراءة ]

وأما المأموم فالسنة له المخافتة باتفاق المسلمين لكن إذا جهر أحيانا بشيء من الذكر فلا بأس كالإمام إذا أسمعهم أحيانا الآية في صلاة السر فقد ثبت في الصحيح عن أبي قتادة [ أنه أخبر عن النبي أنه كان في صلاة الظهر والعصر يسمعهم الآية أحيانا ] وثبت في الصحيح أن من الصحابة المأمومين من جهر بدعاء حين افتتاح الصلاة وعند رفع رأسه من الركوع ولم ينكر النبي ذلك ومن أصر على فعل شيء من البدع وتحسينها فإنه ينبغي أن يعزر تعزيرا يردعه وأمثاله عن مثل ذلك

ومن نسب إلى رسول الله الباطل خطأ فإنه يعرف فإن لم ينته عوقب ولا يحل لأحد أن يتكلم في الدين بلا علم ولا يعين من تكلم في الدين بلا علم أو أدخل في الدين ما ليس منه

وأما قول القائل: كل يعمل في دينه الذي يشتهي فهي كلمة عظيمة يجب أن يستتاب منها وإلا عوقب بل الإصرار على مثل هذه الكلمة يوجب القتل فليس لأحد أن يعمل في الدين إلا ما شرعه الله ورسوله دون ما يشتهيه ويهواه قال الله تعالى: { ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله } وقال تعالى: { وإن كثيرا ليضلون بأهوائهم بغير علم } { ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله } وقال: { ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرا وضلوا عن سواء السبيل } وقال تعالى: { أرأيت من اتخذ إلهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلا * أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا } وقال تعالى: { فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما }

وقد روي عنه أنه قال: [ والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به ] قال تعالي: { ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا * وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا } وقال تعالى: { أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله } وقال تعالى: { المص * كتاب أنزل إليك فلا يكن في صدرك حرج منه لتنذر به وذكرى للمؤمنين * اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلا ما تذكرون } وقال تعالى: { ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السماوات والأرض ومن فيهن } وأمثال هذا في القرآن كثير

فتبين أن على العبد أن يتبع الحق الذي بعث الله به رسوله ولا يجعل دينه تبعا لهواه والله أعلم

144 - / 60 - مسألة: سئل: عن رجلين تنازعا في النية فقال أحدهما: لا تدخل الصلاة إلا بالنية واستدل على ذلك بقوله : [ لكل امرئ ما نوى ] وقال الآخر: تجوز بلا نية افتونا مأجورين؟

أجاب: الحمد لله الصلاة لا تجوز إلا بنية لكن محل النية القلب باتفاق المسلمين وهي القصد والإرادة

فإن نوى بقلبه خلاف ما نطق بلسانه كان الاعتبار بما قصد بقلبه وتنازع العلماء هل يستحب أن يتكلم بما نواه؟ على قولين

واتفقوا على أنه لا يستحب الجهر بالنية ولا تكرير التكلم بها بل ذلك منهي عنه باتفاق الأئمة ولو لم يتكلم بالنية صحت صلاته عند الأئمة الأربعة وغيرهم ولم يخالف إلا بعض شذوذ المتأخرين

145 - / 61 - مسألة: في رجل حنفي صلى في جماعة وأسر نيته ثم رفع يديه في كل تكبيرة فأنكر عليه فقيه الجماعة وقال له: هذا لا يجوز في مذهبك وأنت مبتدع فيه وأنت مذبذب لا بإمامك اقتديت ولا بمذهبك اهتديت فهل ما فعله نقص في صلاته ومخالفة للسنة ولإمامه أم لا؟

الجواب: الحمد لله أما الذي أنكر عليه إسراره بالنية فهو جاهل فإن الجهر بالنية لا يجب ولا يستحب لا في مذهب أبي حنيفة ولا أحد من أئمة المسلمين بل كلهم متفقون على أنه لا يشرع الجهر بالنية ومن جهر بالنية فهو مخطئ مخالف للسنة باتفاق أئمة الدين بل مذهب أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد وسائر أئمة المسلمين أنه إذا نوى بقلبه ولم يتكلم بلسانه بالنية لا سرا ولا جهرا كانت صحيحة ولا يجب التكلم بالنية لا عند أبي حنيفة ولا عند أحد من الأئمة حتى أن بعض متأخري أصحاب الشافعي لما ذكر وجها مخرجا: أن اللفظ بالنية واجب غلطه بقية أصحابه وقالوا: إنما أوجب الشافعي النطق في أول الصلاة بالتكبير لا بالنية

وأما أبو حنيفة وأصحابه فلم يتنازعوا في أن النطق بالنية لا يجب وكذلك مالك وأصحابه وأحمد وأصحابه بل تنازع العلماء: هل يستحب التلفظ بالنية سرا؟ على قولين:

فقال طائفة من أصحاب أبي حنيفة والشافعي وأحمد: يستحب التلفظ بالنية لا الجهر بها ولا يجب التلفظ ولا الجهر

وقال طائفة من أصحاب مالك وأحمد وغيرهم: بل لا يستحب التلفظ بالنية لا سرا ولا جهرا كما لا يجب باتفاق الأئمة لأن النبي وأصحابه لم يكونوا يتلفظون بالنية لا سرا ولا جهرا وهذا القول هو الصواب الذي جاءت به السنة

وأما رفع اليدين في كل تكبيرة حتى في السجود فليست هي السنة التي كان النبي يفعلها ولكن الأمة متفقة على أنه يرفع اليدين مع تكبيرة الافتتاح

وأما رفعهما عند الركوع والاعتدال من الركوع فلم يعرفه أكثر فقهاء الكوفة كإبراهيم النخعي وأبي حنيفة والثوري وغيرهم وأما أكثر فقهاء الأمصار وعلماء الآثار فإنهم عرفوا ذلك - لما أنه استفاضت به السنة عن النبي - كالأوزاعي والشافعي وأحمد بن حنبل وإسحاق وأبي عبيد وهو إحدى الروايتين عن مالك

فإنه قد ثبت في الصحيحين من حديث ابن عمر وغيره [ أن النبي كان يرفع يديه إذا افتتح الصلاة وإذا ركع وإذا رفع رأسه من الركوع ولا يفعل ذلك في السجود ولا كذلك بين السجدين ] وثبت هذا عن النبي في الصحيح: من حديث مالك بن الحويرث ووائل بن حجر وأبي حميد الساعدي: في عشرة من أصحاب النبي : أحدهم أبو قتادة وهو معروف من حديث علي بن أبي طالب وأبي هريرة وعدد كثير من الصحابة عن النبي وكان ابن عمر رضي الله عنهما إذا رأى من يصلي ولا يرفع يديه في الصلاة حصبه وقال عقبة بن عاعر: له بكل إشارة عشر حسنات

والكوفيون حجتهم أن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - لم يكن يرفع يديه وهم معذورون قبل أن تبلغهم السنة الصحيحة فإن عبد الله بن مسعود هو الفقيه الذي بعثه عمر بن الخطاب ليعلم أهل الكوفة السنة لكن قد حفظ الرفع عن النبي كثير من الصحابة رضوان الله تعالى عليهم وابن مسعود لم يصرح بأن النبي لم يرفع إلا أول مرة لكنهم رأوه يصلي ولا يرفع إلا أول مرة والإنسان قد ينسى وقد يذهل وقد خفي على ابن مسعود التطبيق في الصلاة فكان يصلي وإذا ركع طبق بين يديه كما كانوا يفعلون أول الإسلام ثم إن التطبيق نسخ بعد ذلك وأمروا بالركب وهذا لم يحفظه ابن مسعود فإن الرفع المتنازع فيه ليس من نواقض الصلاة: بل يجوز أن يصلي بلا رفع وإذا رفع كان أفضل وأحسن

وإذا كان الرجل متبعا لأبي حنيفة أو مالك أو الشافعي أو أحمد: ورأى في بعض المسائل أن مذهب غيره أقوى فاتبعه كان قد أحسن في ذلك ولم يقدح ذلك في دينه ولا عدالته بلا نزاع بل هذا أولى بالحق وأحب إلى الله ورسوله ممن يتعصب لواحد معين غير النبي كمن يتعصب لمالك أو الشافعي أو أحمد أو أبي حنيفة ويرى أن قول هذا المعين هو الصواب الذي ينبغي اتباعه دون قول الإمام الذي خالفه

فمن فعل هذا كان جاهلا ضالا: بل قد يكون كافرا فإنه متى اعتقد أنه يجب على الناس اتباع واحد بعينه من هؤلاء الأئمة دون الإمام الآخر فإنه يجب أن يستتاب فإن تاب وإلا قتل بل غاية ما يقال: إنه يسوغ أو ينبغي أو يجب على العامي أن يقلد واحدا لا بعينه من غير تعيين زيد ولا عمرو

وأما أن يقول قائل: إنه يجب على العامة تقليد فلان أو فلان فهذا لا يقوله مسلم

ومن كان مواليا للأئمة محبا لهم يقلد كل واحد منهم فيما يظهر له أنه موافق للسنة فهو محسن في ذلك بل هذا أحسن حالا من غيره ولا يقال لمثل هذا مذبذب على وجه الذم وإنما المذبذب المذموم الذي لا يكون مع المؤمنين ولا مع الكفار بل يأتي المؤمنين بوجه ويأتي الكافرين بوجه كما قال تعالى في حق المنافقين: { إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراؤون الناس } إلى قوله: { ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا } وقال النبي : [ مثل المنافق كمثل الشاة العائرة بين الغنمين: تعير إلى هؤلاء مرة وإلى هؤلاء مرة ]

فهؤلاء المنافقون المذبذبون هم الذين ذمهم الله ورسوله وقال في حقهم: { إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون } وقال تعالى في حقهم: { ألم تر إلى الذين تولوا قوما غضب الله عليهم ما هم منكم ولا منهم ويحلفون على الكذب وهم يعلمون } فهؤلاء المنافقون الذين يتولون اليهود الذين غضب الله عليهم ما هم من اليهود ولا هم منا مثل من أظهر الإسلام من اليهود والنصارى والتتر وغيرهم وقلبه مع طائفته فلا هو مؤمن محض ولا هو كافر ظاهرا وباطنا فهؤلاء هم المذبذبون الذين ذمهم الله ورسوله وأوجب على عباده أن يكونوا مؤمنين لا كفارا ولا منافقين بل يحبون لله ويبغضون لله ويعطون لله ويمنعون لله

قال الله تعالى: { يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم } إلى قوله: { إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون * ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون } وقال تعالى: { يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق } الآية وقال تعالى: { لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه } وقال تعالى: { إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم }

وفي الصحيحين عن النبي أنه قال: [ مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر ] وفي الصحيحين عنه قال: [ المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا وشبك بين أصابعه ] وفي الصحيحين عنه قال: [ المسلم أخو المسلم لا يسلمه ولا يظلمه ] وفي الصحيحين أنه قال: [ والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه من الخير ما يحب لنفسه ] وقال: [ والذي نفسي بيده لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا ألا أخبركم بشيء إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم ]

وقد أمر الله تعالى المؤمنين بالاجتماع والإئتلاف ونهاهم عن الإفتراق والاختلاف فقال تعالى: { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون * واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا } إلى قوله: { لعلكم تهتدون } إلى قوله: { يوم تبيض وجوه وتسود وجوه } قال ابن عباس رضي الله عنهما: تبيض وجوه أهل السنة والجماعة وتسود وجوه أهل البدعة والفرقة

فأئمة الدين هم على منهاج الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين والصحابة كانوا مؤتلفين متفقين وإن تنازعوا في بعض فروع الشريعة في الطهارة أو الصلاة أو الحج أو الطلاق أو الفرائض أو غير ذلك فإجماعهم حجة قاطعة

ومن تعصب لواحد بعينه من الأئمة دون الباقين فهو بمنزلة من تعصب لواحد بعينه من الصحابة دون الباقين كالرافضي الذي يتعصب لعلي دون الخلفاء الثلاثة وجمهور الصحابة وكالخارجي الذي يقدح في عثمان وعلي رضي الله عنهما

فهذه طرق أهل البدع والأهواء الذين ثبت بالكتاب والسنة والإجماع أنهم مذمومون خارجون عن الشريعة والمنهاج الذي بعث الله به رسوله فمن تعصب لواحد من الأئمة بعينه ففيه شبه من هؤلاء سواء تعصب لمالك أو الشافعي أو أبي حنيفة أو أحمد أو غيرهم

ثم غاية المتعصب لواحد منهم أن يكون جاهلا بقدره في العلم والدين وبقدر الآخرين فيكون جاهلا ظالما والله يأمر بالعلم والعدل وينهى عن الجهل والظلم قال تعالى: { وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا * ليعذب الله المنافقين والمنافقات } إلى آخر السورة

وهذا أبو يوسف ومحمد أتبع الناس لأبي حنيفة وأعلمهم بقوله وهما قد خالفاه في مسائل لا تكاد تحصى لما تبين لهما من السنة والحجة ما وجب عليهما اتباعه وهما مع ذلك معظمان لإمامهما لا يقال فيهما مذبذبان بل أبو حنيفة وغيره من الأئمة يقول القول ثم تتبين له الحجة في خلافه فيقول بها ولا يقال له مذبذب فإن الإنسان لا يزال يطلب العلم والإيمان فإذا تبين له من العلم ما كان خافيا عليه اتبعه وليس هذا مذبذبا بل هذا مهتد زاده الله هدى وقد قال تعالى: { وقل رب زدني علما }

فالواجب على كل مؤمن موالاة المؤمنين وعلماء المؤمنين وإن يقصد الحق ويتبعه حيث وجده ويعلم أن من اجتهد منهم فأصاب فله أجران ومن اجتهد منهم فأخطأ فله أجر لاجتهاده وخطؤه مغفور له وعلى المؤمنين أن يتبعوا أمامهم إذا فعل ما يسوغ فإن النبي قال: [ إنما جعل الإمام ليؤتم به ] وسواء رفع يديه أو لم يرفع يديه لا يقدح ذلك في صلاتهم ولا يبطلها لا عند أبي حنيفة ولا الشافعي ولا مالك ولا أحمد ولو رفع الإمام دون المأموم أو المأموم دون الإمام لم يقدح ذلك في صلاة واحد منهما ولو رفع الرجل في بعض الأوقات دون بعض لم يقدح ذلك في صلاته وليس لأحد أن يتخذ قول بعض العلماء شعارا يوجب اتباعه وينهي عن غيره مما جاءت به السنة بل كل ما جاءت به السنة فهو واسع: مثل الأذان والإقامة فقد ثبت في الصحيحين عن النبي [ أنه أمر بلالا أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة ] وثبت عنه في الصحيحين [ أنه علم أبا محذورة الإقامة شفعا شفعا كالأذان ] فمن شفع الإقامة فقد أحسن ومن أفردها فقد أحسن ومن أوجب هذا دون هذا فهو مخطئ ضال ومن والى من يفعل هذا دون هذا بمجرد ذلك فهو مخطئ ضال وبلاد الشرق من أسباب تسليط الله التتر عليها كثرة التفرق والفتن بينهم في المذاهب وغيرها حتى تجد المنتسب إلى الشافعي يتعصب لمذهبه على مذهب أبي حنيفة حتى يخرج عن الدين والمنتسب إلى أبي حنيفة يتعصب لمذهبه على مذهب الشافعي وغيره حتى يخرج عن الدين والمنتسب إلى أحمد يتعصب لمذهبه على مذهب هذا أو هذا وفي المغرب تجد المنتسب إلى مالك يتعصب لمذهبه على هذا أو هذا وكل هذا من التفرق والاختلاف الذي نهى الله ورسوله عنه

وكل هؤلاء المتعصبين بالباطل المتبعين الظن وما تهوى الأنفس المتبعين لأهوائهم بغير هدى من الله مستحقون للذم والعقاب وهذا باب واسع لا تحتمل هذه الفتيا لبسطه فإن الإعتصام بالجماعة والإئتلاف من أصول الدين والفرع المتنازع فيه من الفروع الخفية فكيف يقدح في الأصل بحفظ الفرع وجمهور المتعصبين لا يعرفون من الكتاب والسنة إلا ما شاء الله بل يتمسكون بأحاديث ضعيفة أو آراء فاسدة أو حكايات عن بعض العلماء والشيوخ قد تكون صدقا وقد تكون كذبا وإن كانت صدقا فليس صاحبها معصوما يتمسكون بنقل غير مصدق عن قائل غير معصوم ويدعون النقل المصدق عن القائل المعصوم وهو ما نقله الثقات الأثبات من أهل العلم ودونوه في الكتب الصحاح عن النبي

فإن الناقلين لذلك مصدقون باتفاق أئمة الدين والمنقول عنه معصوم لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى قد أوجب الله تعالى على جميع الخلق طاعته واتباعه قال تعالى: { فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما } وقال تعالى: { فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم }

والله تعالى يوفقنا وسائر إخواننا المؤمنين لما يحبه ويرضاه من القول والعمل والهدى والنية والله أعلم والحمد لله وحده

146 - / 62 - سئل: عن إمام شافعي يقول: الله أكبر يكرر التكبير مرات عديدة والناس وقوف خلفه

أجاب: الحمد لله تكرير اللفظ بالنية والتكبير والجهر بلفظ النية أيضا منهى عنه عند الشافعي وسائر أئمة الإسلام وفاعل ذلك مسيء وإن اعتقد ذلك دينا فقد خرج عن إجماع المسلمين ويجب نهيه عن ذلك وإن عزل عن الإمامة إذا لم ينته كان له وجه فإن في سنن أبي داود [ أن النبي أمر بعزل إمام لأجل بزاقه في القبلة ] فإن الإمام عليه أن يصلي كما كان النبي يصلي ليس له أن يقتصر على ما يقتصر عليه المنفرد بل ينهى عن التطويل والتقصير فكيف إذا أصر على ما ينهي عنه الإمام والمأموم والمنفرد والله أعلم

147 - / 63 - سئل: عن رجل إذا صلى بالليل ينوي ويقول: أصلي نصيب الليل

أجاب: هذه العبارة أصلي نصيب الليل لم تنقل عن سلف الأمة وأئمتها والمشروع أن ينوي الصلاة لله سواء كانت بالليل أو النهار: وليس عليه أن يتلفظ بالنية فإن تلفظ بها وقال: أصلي صلاة الليل أو أصلي قيام الليل ونحو ذلك جاز ولم يستحب ذلك بل الاقتداء بالسنة أولى والله أعلم

148 - / 64 - مسألة: في رجل أدرك مع الجماعة ركعة فلما سلم الإمام قام ليتم صلاته فجاء آخر فصلى معه فهل يجوز الاقتداء بهذا المأموم؟

الجواب: أما الأول ففي صلاته قولان في مذهب أحمد وغيره: لكن الصحيح أن مثل هذا جائز وهو قول أكثر العلماء إذا كان الإمام قد نوى الإمامة والمؤتم قد نوى الإئتمام فإن نوى المأموم الإئتمام ولم ينو الإمام الإمامة ففيه قولان:

أحدهما: تصح كقول الشافعي ومالك وغيرهما وهو رواية عن أحمد

والثاني: لا تصح وهو المشهور عن أحمد وذلك أن ذلك الرجل كان مؤتما في أول الصلاة وصار منفردا بعد سلام الإمام فإذا ائتم به ذلك الرجل صار المنفرد إماما كما صار النبي إماما بابن عباس بعد أن كان منفردا وهذا يصح في النفل كما جاء في هذا الحديث كما هو منصوص عن أحمد وغيره من الأئمة وإن كان قد ذكر في مذهبه قول بأنه لا يجوز وأما في الفرض فنزاع مشهور والصحيح جواز ذلك في الفرض والنفل فإن الإمام التزم بالإمامة أكثر مما كان يلزمه في حال الإنفراد فليس بمصير المنفرد إماما محذورا أصلا بخلاف الأول والله أعلم

149 - / 65 - مسألة: في رجل مشى إلى صلاة الجمعة مستعجلا فأنكر ذلك عليه بعض الناس وقال: امش على رسلك فرد ذلك الرجل وقال: قد قال تعالى { يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله } فما الصواب؟

الجواب: ليس المراد بالسعي المأمور به العدو فإنه قد ثبت في الصحيح عن النبي أنه قال: [ إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون وأتوها وأنتم تمشون وعليكم السكينة فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا - وروي فاقضوا ] ولكن قال الأئمة: السعي في كتاب الله هو العمل والفعل كما قال تعالى: { إن سعيكم لشتى } وقال تعالى: { ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكورا } وقال تعالى: { وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها } وقال تعالى: { إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا } وقال عن فرعون: { ثم أدبر يسعى } وقد قرأ عمر بن الخطاب { فاسعوا إلى ذكر الله } فالسعي المأمور به إلى الجمعة هو المضي إليها والذهاب إليها

ولفظ السعي في الأصل اسم جنس ومن شأن أهل العرف إذا كان الاسم عاما لنوعين فإنهم يفردون أحد نوعيه باسم ويبقى الاسم العام مختصا بالنوع الآخر كما في لفظ ذوي الأرحام فإنه يعم جميع الأقارب من يرث بفرض وتعصيب ومن لا فرض له ولا تعصيب فلما ميز ذو الفرض والعصبة صار في عرف الفقهاء ذووا الأرحام مختصا بمن لا فرض له ولا تعصيب

وكذلك لفظ الجائز يعم ما وجب ولزم من الأفعال والعقود وما لم يلزم فلما خص بعض الأعمال بالوجوب وبعض العقود باللزوم بقي اسم الجائز في عرفهم مختصا بالنوع الآخر

وكذلك اسم الخمر هوعام لكل شراب لكن لما أفرد ما يصنع من غير العنب باسم النببذ صار اسم الخمر في العرف مختصا بعصير العنب حتى ظن طائفة من العلماء أن اسم الخمر في الكتاب والسنة مختص بذلك وقد تواترت الأحاديث عن النبي بعمومه ونظائر هذا كثيرة

وبسبب هذا الاشتراك الحادث غلط كثير من الناس في فهم الخطاب بلفظ السعي من هذا الباب فإنه في الأصل عام في كل ذهاب ومضي وهو السعي المأمور به في القرآن وقد يخص أحد النوعين باسم المشي فيبقى لفظ السعي مختصا بالنوع الآخر وهذا هو السعي الذي نهى عنه النبي حيث قال: [ إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون وأتوها وأنتم تمشون ] وقد روي أن عمر كان يقرأ: ( فامضوا ) ويقول: لو قرأتها فاسعوا لعدوت حتى يكون كذا وهذا إن صح عنه فيكون قد اعتقد أن لفظ السعي هو الخاص

ومما يشبه هذا: السعي بين الصفا والمروة فإنه إنما يهرول في بطن الوادي بين الميلين ثم لفظ السعي يخص بهذا وقد يجعل لفظ السعي عاما لجميع الطواف بين الصفا والمروة لكن هذا كأنه باعتبار أن بعضه سعي خاص والله أعلم

150 - / 66 - مسألة: في أقوام يبتدرون الصلاة قبل الناس وقبل تكميل الصفوف ويتخذون لهم مواضع دون الصف فهل يجوز التأخر عن الصف الأول؟

الجواب: قد ثبت في الصحيح عن النبي أنه قال: [ ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربها؟ قالوا: يا رسول الله كيف تصف الملائكة عند ربها؟ قال: يسدون الأول فالأول ويتراصون في الصف ] وثبت عنه في الصحيح أنه قال: [ لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا عليه ] وثبت عنه في الصحيح: [ خير صفوف الرجال أولها وشرها أخرها ] وأمثال ذلك من السنن التي ينبغي فيها للمصلين أن يتموا الصف الأول ثم الثاني

فمن جاء أول الناس وصف في غير الأول فقد خالف الشريعة وإذا ضم إلى ذلك إساءة الصلاة أو فضول الكلام أو مكروهه أو محرمه ونحو ذلك: مما يصان المسجد عنه فقد ترك تعظيم الشرائع وخرج عن الحدود المشروعة من طاعة الله وإن لم يعتقد نقص ما فعله ويلتزم اتباع أمر الله: استحق العقوبة البليغة التي تحمله وأمثاله على أداء ما أمر الله به وترك ما نهى الله عنه والله أعلم

151 - / 67 - مسألة: في المصلين إذا لم يسووا صفوفهم بل كل إنسان يصلي منفردا وهو تجوز صلاتهم هكذا في الأسواق أم لا؟

الجواب: ليس لأحد أن يصلي منفردا خلف الصف: بل على الناس أن يصلوا مصطفين وفي السنن عن النبي أنه قال: [ لا صلاة لفذ خلف الصف ] ولا يصح لهم أن يصلوا في السوق حتى تتصل الصفوف بل عليهم أن يقاربوا الصفوف ويسدوا الأول فالأول والله أعلم

الفتاوى الكبرى لابن تيمية
كتاب السنة والبدعة: 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | كتاب الطهارة: | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | كتاب الصلاة: | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | كتاب الذكر والدعاء | 1 | 2 | 3 | 4 | كتاب الصيام: 1 | 2 | 3 | كتاب الجنائز: 1 | 2 | 3 | 4 | كتاب النكاح: 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | كتاب الطلاق: 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | | كتاب النفقات | كتاب الحدود: 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | كتاب الجهاد: 1 | 2 | كتاب البيوع: 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | كتاب الشهادة والأقضية والأموال: 1 | 2 | كتاب الوقف: 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | كتاب الوصايا | كتاب الفرائض | كتاب الفضائل: 1 | 2 | كتاب الملاهي | مسائل منثورة: 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | كتاب الطهارة2 | كتاب الصلاة2: 1 | 2 | كتاب الجنائز2 | كتاب الزكاة2 | كتاب الصوم2 | كتاب الحج | كتاب البيع: 1 | 2 | كتاب الوصية | كتاب الفرائض | كتاب العتق | كتاب النكاح2: 1 | 2 | كتاب الخلع | كتاب الطلاق2 | كتاب الرجعة | كتاب الظهار | كتاب الجنايات | كتاب الأطعمة | كتاب الأيمان | باب القضاء | كتاب إقامة الدليل على إبطال التحليل | كتاب في الرد على الطوائف الملحدة والزنادقة والجهمية والمعتزلة والرافضة: 1 |2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16