الفتاوى الكبرى/كتاب الرجعة

كتاب الرجعة

قال أبو العباس: أبو حنيفة يجعل الوطء رجعة وهو أحد الروايات عن أحمد والشافعي لا يجعله رجعة وهو رواية عن أحمد ومالك يجعله رجعة مع النية وهو رواية أيضا عن أحمد فيبيح وطء الرجعية إذا قصد به الرجعة وهذا أعدل الأقوال وأشبهها بالأصول وكلام أبي موسى في الإرشاد يقتضيه ولا تصلح الرجعة مع الكتمان بحال وذكره أبو بكر في الشافعي

وروي عن أبي طالب قال: سألت أحمد عن رجل طلق امرأته وراجعها واستكتم الشهود حتى انقضت العدة قال يفرق بينهما ولا رجعة له عليها ويلزم إعلان التسريح والخلع والإشهاد كالنكاح دون ابتداء الفرقة

قال أحمد في رواية ابن منصور فإن طلقها ثلاثا ثم جحد تفدي نفسها منه بما تقدر عليه فإن أجبرت على ذلك فلا تتزين له ولا تقربه وتهرب إن قدرت وقال في رواية أبي طالب تهرب ولا تتزوج حتى يظهر طلاقها ويعلم ذلك فإن لم يقر بطلاقها ومات لا ترث لأنها تأخذ ما ليس لها وتفر منه ولا تخرج من البلد ولكن تختفي في بلدها قيل له قال بعض الناس تقتله بمنزلة من يدفع عن نفسه فلم يعجبه ذلك فإن قال استحللت وتزوجتها قال تقبل منه قال القاضي لا تقتله معناه لا تقصد قتله وإن قصدت دفعه فأدى ذلك إلى قتله فلا ضمان

قال أبو العباس: كلام أحمد يدل على أنه لا يجوز دفعه بالقتل وهو الذي لم يعجبه لأن هذا ليس متعديا في الظاهر والدفع بالقتل إنما يجوز لمن ظهر اعتداؤه وقطع جمهور أصحابنا بحل المطلقة ثلاثا بوطء المراهق والذمي إن كانت ذمية

قال أبو العباس: النكاح الذي يقران عليه بعد الإسلام والمجيء به إلينا للحكم صحيح فعلى هذا يحلها النكاح بلا ولي ولا شهود وكذلك لو تزوجها على أخت ثم ماتت الأخت قبل مفارقتها فأما لو تزوجها في عدة أو على أخت ثم طلقها مع قيام المفسد فهنا موضع نظر فإن هذا النكاح لا يثبت به التوارث ولا يحكم فيه بشيء من أحكام النكاح فينبغي أن لا تحل له قال أصحابنا ومن غابت مطلقته المحرمة ثم ذكرت أنها تزوجت من أصابها وانقضت عدتها منه وأمكن ذلك فله نكاحها إذا غلب على ظنه صدقها وإلا فلا

وقد تضمنت هذه المسألة أن المرأة إذا ذكرت أنه كان لها زوج فطلقها فإنه يجوز تزوجها وتزويجها وإن لم يثبت أنه طلقها ولا يقال أن ثبوت إقرارها بالنكاح يوجب تعلق حق الزوج بها فلا يجوز نكاحها حتى يثبت زواله ونص الإمام أحمد في الطلاق إذا كتب إليها أنه طلقها لم تتزوج حتى يثبت الطلاق وكذلك لو كان للمرأة زوج فادعت أنه طلقها لم تتزوج بمجرد ذلك باتفاق المسلمين لأنا نقول المسألة هنا فيما إذا ادعت أنها تزوجت من أصابها وطلقها ولم تعينه فإن النكاح لم يثبت لمعين بل لمجهول فهو كما لو قال عندي مال لشخص وسلمته إليه فإنه لا يكون إقرارا بالاتفاق فكذلك قولها كان لي زوج وطلقني وسيدي أعتقني ولو قالت تزوجني فلان وطلقني فهو كالاقرار بالمال وادعاء الوفاء لا يكون إقرارا

باب الايلاء

وإذا حلف الرجل على ترك الوطء وغيا بغاية لا يغلب على الظن خلو المدة منها فخلت منها فعلى روايتين: إحداهما هل يشترط العلم بالغاية وقت اليمين أو يكفي ثبوتها في نفس الأمر وإذا لم يفئ وطلق بعد المدة أو طلق الحاكم عليه لم يقع إلا طلقة رجعية وهو الذي يدل عليه القرآن ورواية عن أحمد فإذا راجع فعليه أن يطأ عقب هذه الرجعة إذا طلبت ذلك منه ولا يمكن من الرجعة إلا بهذا الشرط ولأن الله إنما جعل الرجعة لمن أراد إصلاحا بقوله: { وبعولتهن أحق بردهن في ذلك إن أرادوا إصلاحا }

الفتاوى الكبرى لابن تيمية
كتاب السنة والبدعة: 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | كتاب الطهارة: | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | كتاب الصلاة: | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | كتاب الذكر والدعاء | 1 | 2 | 3 | 4 | كتاب الصيام: 1 | 2 | 3 | كتاب الجنائز: 1 | 2 | 3 | 4 | كتاب النكاح: 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | كتاب الطلاق: 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | | كتاب النفقات | كتاب الحدود: 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | كتاب الجهاد: 1 | 2 | كتاب البيوع: 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | كتاب الشهادة والأقضية والأموال: 1 | 2 | كتاب الوقف: 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | كتاب الوصايا | كتاب الفرائض | كتاب الفضائل: 1 | 2 | كتاب الملاهي | مسائل منثورة: 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | كتاب الطهارة2 | كتاب الصلاة2: 1 | 2 | كتاب الجنائز2 | كتاب الزكاة2 | كتاب الصوم2 | كتاب الحج | كتاب البيع: 1 | 2 | كتاب الوصية | كتاب الفرائض | كتاب العتق | كتاب النكاح2: 1 | 2 | كتاب الخلع | كتاب الطلاق2 | كتاب الرجعة | كتاب الظهار | كتاب الجنايات | كتاب الأطعمة | كتاب الأيمان | باب القضاء | كتاب إقامة الدليل على إبطال التحليل | كتاب في الرد على الطوائف الملحدة والزنادقة والجهمية والمعتزلة والرافضة: 1 |2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16