الفتاوى الكبرى/كتاب الصلاة/3
14 - 98 - مسألة: عن مسلم تراك للصلاة ويصلي الجمعة فهل تجب عليه اللعنة؟
فأجاب: الحمد لله هذا استوجب العقوبة باتفاق المسلمين والواجب عند جمهور العلماء كمالك والشافعي وأحمد أن يستتاب فإن تاب وإلا قتل ولعن تارك الصلاة على وجه العموم جائز وأما لعنة المعين فالأولى تركها لأنه يمكن أن يتوب والله أعلم
99 - / 15 - مسألة: فيمن إذا أحرم في الصلاة وكانت نافلة ثم إذا سمع الأذان فهل يقطع الصلاة ويقول مثل ما قال المؤذن أو يتم صلاته ويقضي ما قاله المؤذن؟
الجواب: إذا سمع المؤذن يؤذن وهو في صلاته فإنه يتمها ولا يقول مثل ما يقول عند جمهور العلماء وأما إذا كان خارج الصلاة في قراءة أو ذكر أو دعاء فإنه يقطع ذلك ويقول مثل ما يقول المؤذن لأن موافقة المؤذن عبادة مؤقتة يفوت وقتها وهذه الأذكار لا تفوت وإذا قطع الموالاة فيها لسبب شرعي كان جائزا مثلما يقطع الموالاة فيها بكلام لما يحتاج إليه من خطاب آدمي وأمر بمعروف ونهي عن منكر وكذلك إذا قطع الموالاة بسجود تلاوة ونحو ذلك بخلاف الصلاة فإنه لا يقطع موالاتها بسبب آخر كما لو سمع غيره يقرأ سجدة التلاوة لم يسجد في الصلاة عند جمهور العلماء ومع هذا ففي هذا نزاع معروف والله أعلم
16 - 100 - مسألة: فيمن قال أن النبي ﷺ قال: غربوا ولا تشرقوا ومنهم من قال: شرقوا ولا تغربوا
الجواب: الحديثان كذب ولكن في الصحيح عنه أنه قال: [ لا تستقبلوا القبلة بغائط ولا بول ولكن شرقوا أو غربوا ] وفي السنن عنه أنه قال: [ ما بين المشرق والمغرب قبلة ] وهذا خطاب منه لأهل المدينة ومن جرى مجراهم كأهل الشام والجزيرة والعراق وأما مصر فقبلتهم بين المشرق والجنوب من مطلع الشمس في الشتاء والله أعلم
101 - / 17 - مسألة: أيما أفضل إذا قام من الليل الصلاة أم القراءة؟
الجواب: بل الصلاة أفضل من القراءة في غير الصلاة نص على ذلك أئمة العلماء وقد قال: استقيموا ولن تحصوا واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة ولا يحافظ على الوضوء إلا مؤمن لكن من حصل له نشاط وتدبر وفهم للقراءة دون الصلاة فالأفضل في حقه ما كان أنفع له
102 - / 18 - مسألة: في الأذان هل هو فرض أم سنة؟ وهل يستحب الترجيع أم لا؟ وهل التكبير أربع أو اثنتان كمالك؟ وهل الإقامة شفع أو فرد؟ وهل يقول قد قامت الصلاة مرة أو مرتين؟
الجواب: الصحيح أن الأذان فرض على الكفاية فليس لأهل مدينة ولا قرية أن يدعوا الأذان والإقامة وهذا هو المشهور من مذهب أحمد وغيره
وقد أطلق طوائف من العلماء أنه سنة ثم من هؤلاء من يقول إنه إذا اتفق أهل بلد على تركه قوتلوا والنزاع مع هؤلاء قريب من النزاع اللفظي فإن كثيرا من العلماء يطلق القول بالسنة على ما يذم تاركه شرعا ويعاقب تاركه شرعا فالنزاع بين هذا وبين من يقول: إنه واجب نزاع لفظي ولهذا نظائر متعددة
وأما من زعم أنه سنة لا إثم على تاركيه ولا عقوبة فهذا القول خطأ فإن الأذان هو شعار دار الإسلام الذي ثبت في الصحيح أن النبي ﷺ كان يعلق استحلال أهل الدار بتركه فكان يصلي الصبح ثم ينظر فإن سمع مؤذنا لم يغر وإلا أغار وفي السنن لأبي داود والنسائي عن أبي الدرداء قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: [ ما من ثلاثة في قرية لا يؤذن ولا تقام فيهم الصلاة إلا استحوذ عليهم الشيطان فعليك بالجماعة فإن الذئب يأكل الشاة القاصية ] وقد قال تعالى: { استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله أولئك حزب الشيطان ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون }
وأما الترجيع وتركه وتثنية التكبير وتربيعه وتثنية الإقامة وإفرادها فقد ثبت في صحيح مسلم والسنن حديث أبي محذورة الذي علمه النبي ﷺ الأذان عام فتح مكة وكان الأذان فيه وفي ولده بمكة ثبت أنه علمه الأذان والإقامة وفيه الترجيع
وروي في حديثه: [ التكبير مرتين ] كما في صحيح مسلم وروي: [ أربعا ] كما في سنن أبي داود وغيره وفي حديثه أنه علمه الإقامة شفعا وثبت في الصحيح عن أنس بن مالك قال: لما كثر الناس قال: [ تذاكروا أن يعلموا وقت الصلاة بشيء يعرفونه فذكروا أن يوروا نارا أو يضربوا ناقوسا فأمر بلال أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة ] وفي رواية للبخاري: [ إلا الإقامة ] وفي سنن أبي داود وغيره أن عبد الله بن زيد لما أرى الأذان وأمره النبي ﷺ أن يلقيه على بلال فألقاه عليه وفيه التكبير أربعا بلا ترجيع
وإذا كان كذلك فالصواب مذهب أهل الحديث ومن وافقهم وهو تسويغ كل ما ثبت في ذلك عن النبي ﷺ لا يكرهون شيئا من ذلك إذ تنوع صفة الأذان والإقامة كتنوع صفة القراءات والتشهدات ونحو ذلك وليس لأحد أن يكره ما سنه رسول الله ﷺ لأمته
وأما من بلغ به الحال إلى الاختلاف والتفرق حتى يوالي ويعادي ويقاتل على مثل هذا ونحوه مما سوغه الله تعالى كما يفعله بعض أهل المشرق فهؤلاء من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا وكذلك ما يقوله بعض الأئمة - ولا أحب تسميته - من كراهة بعضهم للترجيع وظنهم أن أبا محذورة غلط في نقله وأنه كرره ليحفظه ومن كراهة من خالفهم لشفع الإقامة مع أنهم يختارون أذان أبي محذورة هؤلاء يختارون إقامته ويكرهون أذانه وهؤلاء يختارون أذانه ويكرهون إقامته فكلاهما قولان متقابلان والوسط أنه لا يكره لا هذا ولا هذا
وإن كان أحمد وغيره من أئمة الحديث يختارون أذان بلال وإقامته لمداومته على ذلك بحضرته فهذا كما يختار بعض القراءات والتشهدات ونحو ذلك ومن تمام السنة في مثل هذا: أن يفعل هذا تارة وهذا تارة وهذا في مكان وهذا في مكان لأن هجر ما وردت به السنة وملازمة غيره قد يفضي إلى أن يجعل السنة بدعة والمستحب واجبا ويفضي ذلك إلى التفرق والاختلاف إذا فعل آخرون الوجه الآخر
فيجب على المسلم أن يراعي القواعد الكلية التي فيها الاعتصام بالسنة والجماعة لا سيما في مثل صلاة الجماعة وأصح الناس طريقة في ذلك هم علماء الحديث الذين عرفوا السنة واتبعوها إذ من أئمة الفقه من اعتمد في ذلك على أحاديث ضعيفة ومنهم من كان عمدته العمل الذي وجده ببلده وجعل ذلك السنة دون ما خالفه مع العلم بأن النبي ﷺ قد وسع في ذلك وكل سنة
وربما جعل بعضهم أذان بلال وإقامته ما وجده في بلده إما بالكوفة وإما بالشام وإما بالمدينة وبلال لم يؤذن بعد النبي ﷺ إلا قليلا وإنما أذن بالمدينة سعد القرظي مؤذن أهل قباء
والترجيع في الأذان اختيار مالك والشافعي لكن مالك يرى التكبير مرتين والشافعي يراه أربعا وتركه اختيار أبي حنيفة وأما أحمد فعنده كلاهما سنة وتركه أحب إليه لأنه أذان بلال
والإقامة يختار إفرادها مالك والشافعي وأحمد وهو مع ذلك يقول: إن تثنيتها سنة والثلاثة: أبو حنيفة والشافعي وأحمد يختارون تكرير لفظة الإقامة دون مالك والله أعلم
103 - / 19 - مسألة: سئل عن المؤذن إذا قال: الصلاة خير من النوم هل السنة أن يستدير ويلتفت أم يستقبل القبلة أم الشرق؟
فأجاب: ليس هذا سنة عند أحد من العلماء بل السنة أن يقولها وهو مستقبل القبلة كغيرها من كلمات الأذان وكقوله في الإقامة: قد قامت الصلاة ولم يستثن من ذلك العلماء إلا الحيعلة فإنه يلتفت بها يمينا وشمالا ولا يختص المشرق بالكلمتين وليس في الآذان والإقامة ما يختص المشرق والمغرب بجنسه فمن قال: الصلاة خير من النوم كلاهما إلى المشرق أو المغرب فهو مبتدع خارج عن السنة في الأذان باتفاق العلماء
وقد تنازع العلماء: هل يدور في المنارة؟ على قولين مشهورين فمن دار فقد فعل ما يسوغ فيه الاجتهاد ولكنه مع ذلك إن دار لقوله: الصلاة خير من النوم لزمه أن يدور مرتين ولا قائل به وإن خص المشرق بهما كان أبعد عن السنة فتعين أن يقولهما مستقبل القبلة والله أعلم
فصل
قال الشيخ رحمه الله: لما ذهبت على البريد كنا نجمع بين الصلاتين فكنت أولا أؤذن عند الغروب وأنا راكب ثم تأملت فوجدت النبي ﷺ لما جمع ليلة جمع لم يؤذنوا للمغرب في طريقهم بل أخر التأذين حتى نزل فصرت أفعل ذلك لأنه في الجمع صار وقت الثانية وقتا لهما والأذان إعلام بوقت الصلاة
ولهذا قلنا يؤذن للفائتة كما أذن بلال لما ناموا عن صلاة الفجر لأنه وقتها والأذان للوقت الذي تفعل فيه لا الوقت الذي تجب فيه
104 - / 20 - مسألة: وسئل: عمن أحرم ودخل في الصلاة وكانت نافلة ثم سمع المؤذن فهل يقطع الصلاة ويقول مثل ما قال المؤذن؟ أو يتم صلاته ويقول مثل ما يقول المؤذن؟
فأجاب: إذا سمع المؤذن يؤذن وهو في صلاة فإنه يتمها ولا يقول مثل ما يقول عند جمهور العلماء وأما إذا كان خارج الصلاة في قراءة أو ذكر أو دعاء فإنه يقطع ذلك ويقول مثل ما يقول المؤذن: لأن موافقة المؤذن عبادة مؤقتة يفوت وقتها وهذه الأذكار لا تفوت
وإذا قطع الموالاة فيها لسبب شرعي كان جائزا مثل ما يقطع الموالاة فيها بكلام لما يحتاج إليه من خطاب آدمي وأمر بمعروف ونهي عن منكر وكذلك لو قطع الموالاة بسجود تلاوة ونحو ذلك بخلاف الصلاة فإنه لا يقطع موالاتها بسبب آخر كما لو سمع غيره يقرأ سجدة التلاوة لم يسجد في الصلاة عند جمهور العلماء ومع هذا ففي هذا نزاع معروف والله أعلم
105 - / 21 - مسألة: في قوله ﷺ: [ أفضل الأعمال عند الله الصلاة لوقتها ] فهل هو الأول؟ أو الثاني؟
أجاب: الوقت يعم أول الوقت وآخره والله يقبلها في جميع الوقت لكن أوله أفضل من آخره إلا حيث استثناه الشارع كالظهر في شدة الحر وكالعشاء إذا لم يشق على المأمومين والله أعلم
106 - / 22 - مسألة: سئل: هل يشترط الليل إلى مطلع الشمس؟ وكم أقل ما بين وقت المغرب ودخول العشاء من منازل القمر؟
أجاب: أما وقت العشاء فهو مغيب الشفق الأحمر لكن في البناء يحتاط حتى يغيب الأبيض فإنه قد تستتر الحمرة بالجدران فإذا غاب البياض تيقن مغيب الأحمر هذا مذهب الجمهور كمالك والشافعي وأحمد
وأما أبو حنيفة: فالشفق عنده هو البياض وأهل الحساب يقولون: إن وقتها منزلتان لكن هذا لا ينضبط فإن المنازل إنما تعرف بالكواكب بعضها قريب من المنزلة الحقيقية وبعضها بعيد من ذلك
وأيضا فوقت العشاء في الطول والقصر يتبع النهار فيكون في الصيف أطول كما أن وقت الفجر يتبع الليل فيكون في الشتاء أطول
ومن زعم أن حصة العشاء بقدر حصة الفجر في الشتاء وفي الصيف: فقد غلط غلطا حسيا باتفاق الناس
وسبب غلطه أن الأنوار تتبع الأبخرة ففي الشتاء يكثر البخار بالليل فيظهر النور فيه أولا وفي الصيف تقل الأبخرة بالليل وفي الصيف يتكدر الجور بالنهار بالأبخرة ويصفو في الشتاء لأن الشمس مزقت البخار والمطر لبد الغبار
وأيضا: فإن النورين تابعان للشمس هذا يتقدمها وهذا يتأخر عنها فيجب أن يكونا تابعين للشمس فإذا كان في الشتاء طال زمن مغيبها فيطول زمان الضوء التابع لها
وأما جعل هذه الحصة بقدر هذه الحصة وإن الفجر في الصيف أطول والعشاء في الشتاء أطول وجعل الفجر تابعا للنهار: يطول في الصيف ويقصر في الشتاء وجعل الشفق تابعا لليل يقصر في الصيف ويطول في الشتاء فهذا قلب الحس والعقل والشرع ولا يتأخر ظهور السواد عن مغيب الشمس والله أعلم
مسألة: هل التغليس أفضل أم الإسفار؟
الجواب: الحمد لله بل التغليس أفضل إذا لم يكن ثم سبب يقتضي التأخير فإن الأحاديث الصحيحة المستفيضة عن النبي ﷺ تبين أنه كان يغلس بصلاة الفجر كما في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: [ لقد كان رسول الله ﷺ
يصلي الفجر فيشهد معه نساء من المؤمنات متلفعات بمروطهن ثم يرجعن إلى بيوتهن ما يعرفهن أحد من الغلس ] والنبي ﷺ لم يكن في مسجده قناديل كما في الصحيحين عن أبي برزة الأسلمي: [ أن النبي ﷺ كان يقرأ في الفجر بما بين الستين آية إلى المائة وينصرف منها حين يعرف الرجل جليسه ] وهذه القراءة هي نحو نصف جزء أو ثلث جزء وكان فراغه من الصلاة حين يعرف الرجل جليسه وهكذا في الصحيح من غير هذا الوجه أنه كان يغلس بالفجر وكذلك خلفاؤه الراشدون بعده وكان بعده أمراء يؤخرون الصلاة عن وقتها فنشأ في دولتهم فقهاء
رأوا عادتهم فظنوا أن تأخير الفجر والعصر أفضل من تقديمهما وذلك غلط في السنة
واحتجوا بما رواه الترمذي عن النبي ﷺ أنه قال: [ أسفروا بالفجر فإنه أعظم للأجر ] وقد صححه الترمذي وهذا الحديث لو كان معارضا لم يقاومها لأن تلك في الصحيحين وهي مشهورة مستفيضة والخبر الواحد إذا خالف المشهور المستفيض كان شاذا وقد يكون منسوخا لأن التغليس هو فعله حتى مات وفعل الخلفاء الراشدين بعده
وقد تأول الطحاوي من أصحاب أبي حنيفة وغيره كأبي حفص البرمكي من أصحاب أحمد وغيرهما قوله: أسفروا بالفجر على أن المراد الإسفار بالخروج منها أي أطيلوا صلاة الفجر حتى تخرجوا منها مسفرين
وقيل: المراد بالإسفار التبين أي صلوها إذا تبين الفجر وانكشف ووضح: فإن في الصحيحين عن ابن مسعود قال: ما رأيت رسول الله ﷺ صلى صلاة لغير وقتها إلا صلاة الفجر بمزدلفة وصلاة المغرب بجمع وصلاة الفجر إنما صلاها يومئذ بعد طلوع الفجر هكذا في صحيح مسلم عن جابر قال: وصلى صلاة الفجر حين بزق الفجر وإنما مراد عبد الله بن مسعود أنه كان يؤخر الفجر عن أول طلوع الفجر حتى يتبين وينكشف ويظهر وذلك اليوم عجلها قبل
وبهذا تتفق معاني أحاديث النبي ﷺ وأما إذا أخرها لسبب يقتضي التأخير مثل المتيمم عادته إنما يؤخرها ليصلي آخر الوقت بوضوء والمنفرد يؤخرها حتى يصلي آخر الوقت في جماعة أو أن يقدر على الصلاة آخر الوقت قائما وفي أول الوقت لا يقدر إلا قاعدا ونحو ذلك مما يكون فيه فضيلة تزيد على الصلاة في أول الوقت فالتأخير لذلك أفضل والله أعلم
108 - 24 - مسألة: في قوله ﷺ: [ أسفروا بالفجر فإنه أعظم للأجر ]؟
الجواب: أما قوله ﷺ: أسفروا بالفجر فإنه أعظم للأجر فإنه حديث صحيح لكن قد استفاض عن النبي ﷺ أنه كان يغلس بالفجر حتى كانت تنصرف نساء المؤمنات متلفعات بمروطهن ما يعرفهن أحد من الغلس فلهذا فسروا ذلك الحديث بوجهين:
أحدهما: أنه أراد الإسفار بالخروج منها أي: أطيلوا القراءة حتى تخرجوا منها مسفرين فإن النبي ﷺ كان يقرأ فيها بالستين آية إلى مائة آية نحو نصف حزب
والوجه الثاني: أنه أراد أن يتبين الفجر ويظهر فلا يصلي مع غلبة الظن فإن النبي ﷺ كان يصلي بعد التبين إلا يوم مزدلفة فإنه قدمها ذلك اليوم على عادته والله أعلم
109 - / 25 - مسألة: في رجل من أهل القبلة ترك الصلاة مدة سنتين ثم تاب بعد ذلك وواظب على أدائها فهل يجب عليه قضاء ما فاته منها أم لا؟
الجواب: أما من ترك الصلاة أو فرضا من فرائضها فإما أ ن يكون قد ترك ذلك ناسيا له بعد علمه بوجوبه وإما أن يكون جاهلا بوجوبه وإما أن يكون لعذر يعتقد معه جواز التأخير وإما أن يتركه عالما عمدا
فأما الناسي للصلاة فعليه أن يصليها إذا ذكرها بسنة رسول الله ﷺ المستفيضة عنه باتفاق الأئمة قال ﷺ: [ من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها لا كفارة لها إلا ذلك ] وقد استفاض في الصحيح وغيره: أنه نام هو وأصحابه عن صلاة الفجر في السفر فصلوها بعد ما طلعت الشمس السنة والفريضة بأذان وإقامة
وكذلك من نسي طهارة الحدث وصلى ناسيا: فعليه أن يعيد الصلاة بطهارة بلا نزاع حتى لو كان الناسي إماما كان عليه أن يعيد الصلاة ولا إعادة على المأمومين إذا لم يعلموا عند جمهور العلماء كمالك والشافعي وأحمد في المنصوص المشهور عنه كما جرى لعمر وعثمان رضي الله عنهما
وأما من نسي طهارة الخبث فإنه لا إعادة عليه في مذهب مالك وأحمد في أصح الروايتين عنه والشافعي في أحد قوليه لأن هذا من باب فعل المنهى عنه وتلك من باب ترك المأمور به ومن فعل ما نهي عنه ناسيا فلا إثم عليه بالكتاب والسنة كما جاءت به السنة فيمن أكل في رمضان ناسيا وهو مذهب أبي حنيفة والشافعي وأحمد وطرد ذلك فيمن تكلم في الصلاة ناسيا ومن تطيب ولبس ناسيا كما هو مذهب الشافعي وأحمد في إحدى الروايتين عنه وكذلك من فعل المحلوف عليه ناسيا كما هو أحد القولين عن الشافعي وأحمد
وهنا مسائل تنازع العلماء فيها: مثل من نسي الماء في رحله وصلى بالتيمم وأمثال ذلك ليس هذا موضع تفصيلها
وأما من ترك الصلاة جاهلا بوجوبها: مثل من أسلم في دار الحرب ولم يعلم أن الصلاة واجبة عليه فهذه المسألة للفقهاء فيها ثلاثة أقوال وجهان في مذهب أحمد:
أحدها: عليه الإعادة مطلقا وهو قول الشافعي وأحد الوجهين في مذهب أحمد
والثاني: عليه الإعادة إذا تركها بدار الإسلام دون دار الحرب وهو مذهب أبي حنيفة لأن دار الحرب دار جهل يعذر فيه بخلاف دار الإسلام
والثالث: لا إعادة عليه مطلقا وهو الوجه الثاني في مذهب أحمد وغيره
وأصل هذين الوجهين: أن حكم الشارع هل يثبت في حق المكلف قبل بلوغ الخطاب له فيه ثلاثة أقوال في مذهب أحمد وغيره:
أحدها: يثبت مطلقا
والثاني: لا يثبت مطلقا
والثالث: يثبت حكم الخطاب المبتدأ دون الخطاب الناسخ كقضية أهل قباء وكالنزاع المعروف في الوكيل إذا عزل فهل يثبت حكم العزل في حقه قبل العلم
وعلى هذا: لو ترك الطهارة الواجبة لعدم بلوغ النص مثل أن يأكل لحم الإبل ولا يتوضأ ثم يبلغه النص ويتبين له وجوب الوضوء أو يصلي في أعطان الإبل ثم يبلغه ويتبين له النص فهل عليه إعادة ما مضى؟ فيه قولان هما روايتان عن أحمد
ونظيره أن يمس ذكره ويصلي ثم يتبين له وجوب الوضوء من مس الذكر
والصحيح في جميع هذه المسائل عدم وجوب الإعادة لأن الله عفا عن الخطأ والنسيان ولأنه قال: { وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا } فمن لم يبلغه أمر الرسول في شيء معين لم يثبت حكم وجوبه عليه ولهذا لم يأمر النبي ﷺ عمر وعمارا لما أجنبا فلم يصل عمر وصلى عمار بالتمرغ أن يعيد واحد منهما وكذلك لم يأمر أبا ذر بالإعادة لما كان يجنب ويمكث أياما لا يصلي وكذلك لم يأمر من أكل من الصحابة حتى يتبين له الحبل الأبيض من الحبل الأسود بالقضاء كما لم يأمر من صلى إلى بيت المقدس قبل بلوغ النسخ لهم بالقضاء
ومن هذا الباب المستحاضة إذا مكثت مدة لا تصلي لاعتقادها عدم وجوب الصلاة عليها ففي وجوب القضاء عليها قولان:
أحدهما: لا إعادة عليها كما نقل عن مالك وغيره: لأن المتسحاضة التي قالت للنبي ﷺ: إني حضت حيضة شديدة كبيرة منكرة منعتني الصلاة والصيام أمرها بما يجب في المستقبل ولم يأمرها بقضاء صلاة الماضي
وقد ثبت عندي بالنقل المتواتر أن في النساء والرجال بالبوادي وغير البوادي من يبلغ ولا يعلم أن الصلاة عليه واجبة بل إذا قيل للمرأة: صلي تقول: حتى أكبر وأصير عجوزة ظانة أنه لا يخاطب بالصلاة إلا المرأة الكبيرة كالعجوز ونحوها وفي أتباع الشيوخ طوائف كثيرون لا يعلمون أن الصلاة واجبة عليهم فهؤلاء لا يجب عليهم في الصحيح قضاء الصلوات سواء قيل: كانوا كفارا أو كانوا معذورين بالجهل
وكذلك من كان منافقا زنديقا يظهر الإسلام ويبطن خلافه وهو لا يصلي أو يصلي أحيانا بلا وضوء أو لا يعتقد وجوب الصلاة فإنه إذا تاب من نفاقه وصلى فإنه لا قضاء عليه عند جمهور العلماء والمرتد الذي كان يعتقد وجوب الصلاة ثم ارتد عن الإسلام ثم عاد لا يجب عليه قضاء ما تركه حال الردة عند جمهور العلماء كمالك وأبي حنيفة وأحمد في ظاهر مذهبه فإن المرتدين الذين ارتدوا على عهد النبي ﷺ: كعبد الله بن سعد بن أبي سرح وغيره مكثوا على الكفر مدة ثم أسلموا ولم يأمر أحدا منهم بقضاء ما تركوه وكذلك المرتدون على عهد أبي بكر لم يؤمروا بقضاء صلاة ولا غيرها
وأما من كان عالما بوجوبها وتركها بلا تأويل حتى خرج وقتها الموقت فهذا يجب عليه القضاء عند الأئمة الأربعة وذهب طائفة منهم ابن حزم وغيره إلى أن فعلها بعد الوقت لا يصح من هؤلاء وكذلك قالوا فيمن ترك الصوم تعمدا والله سبحانه وتعالى أعلم
110 - / 26 - مسألة: في رجل عليه صلوات كثيرة فاتته هل يصليها بسننها؟ أم الفريضة وحدها؟ وهل تقضى في سائر الأوقات من ليل أو نهار؟
الجواب: المسارعة إلى قضاء الفوائت الكثيرة أولى من الاشتغال عنها بالنوافل وأما مع قلة الفوائت فقضاء السنن معها حسن فإن النبي ﷺ لما نام هو وأصحابه عن الصلاة - صلاة الفجر - عام حنين قضوا السنة والفريضة ولما فاتته الصلاة يوم الخندق قضى الفرائض بلا سنن والفوائت المفروضة تقضى في جميع الأوقات فإن النبي ﷺ قال: [ من أدرك ركعة من الفجر قبل أن تطلع الشمس فليصل إليها أخرى ] والله أعلم
111 - / 27 - مسألة: أيما أفضل صلاة النافلة أم القضاء؟
الجواب: إذا كان عليه قضاء واجب فالاشتغال له أولى من الاشتغال بالنوافل التي تشغل عنه
112 - / 28 - مسألة: في رجل صلى ركعتين من فرض الظهر فسلم ثم لم يذكرها إلا وهو في فرض العصر في ركعتين منها في التحيات فماذا يصنع؟
الجواب: إن كان مأموما فإنه يتم العصر ثم يقضي الظهر وفي إعادة العصر قولان للعلماء فإن هذه المسألة مبنية على أن صلاة الظهر بطلت بطول الفصل والشروع في غيرها فيكون بمنرلة من فاتته الظهر ومن فاتته الظهر وحضرت جماعة العصر فإنه يصلي العصر ثم يصلي الظهر ثم هل يعيد العصر؟ فيه قولان للصحابة والعلماء
أحدهما: يعيدها وهو مذهب أبي حنيفة ومالك والمشهور في مذهب أحمد
والثاني: لا يعيد وهو قول ابن عباس ومذهب الشافعي واختيار جدي
ومتى ذكر الفائتة في أثناء الصلاة كان كما لو ذكر قبل الشروع فيها ولو لم يذكر الفائتة حتى فرغت الحاضرة فإن الحاضرة تجزئة عند جمهور العلماء كأبي حنيفة والشافعي وأحمد وأما مالك فغالب ظني أن مذهبه أنها لا تصح والله أعلم
113 - / 29 - مسألة: في رجل فاتته صلاة العصر: فجاء إلى المسجد فوجد المغرب قد أقيمت فهل يصلي الفائتة قبل المغرب أم لا؟
الجواب: الحمد لله رب العالمين بل يصلي المغرب مع الإمام ثم يصلي العصر باتفاق الأئمة ولكن هل يعيد المغرب؟ فيه قولان:
أحدهما: يعيد وهو قول ابن عمر ومالك وأبي حنيفة وأحمد في المشهور عنه
والثاني: لا يعيد المغرب وهو قول ابن عباس وقول الشافعي والقول الآخر في مذهب أحمد والثاني أصح فإن الله لم يوجب على العبد أن يصلي الصلاة مرتين إذا اتقى الله ما استطاع والله أعلم
114 - / 30 - مسألة: في رجل دخل الجامع والخطيب يخطب وهو لا يسمع كلام الخطيب فذكر أن عليه قضاء صلاة فقضاها في ذلك الوقت فهل يجوز ذلك؟ أم لا؟
الجواب: الحمد لله إذا ذكر أن عليه فائتة وهو في الخطبة يسمع الخطيب أو لا يسمعه: فله أن يقضيها في ذلك الوقت إذا أمكنه القضاء وإدراك الجمعة بل ذلك واجب عليه عند جمهور العلماء: لأن النهي عن الصلاة وقت الخطبة لا يتناول النهي عن الفريضة والفائتة مفروضة في أصح قولي العلماء بل لا يتناول تحية المسجد فإن النبي ﷺ قال: [ إذا دخل أحدكم المسجد والإمام يخطب فلا يجلس حتى يصلي ركعتين ]
وأيضا فإن فعل الفائتة في وقت النهي ثابت في الصحيح لقوله ﷺ: [ من أدرك ركعة من الفجر قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الفجر ]
وقد تنازع العلماء فيما إذا ذكر الفائتة عند قيامه إلى الصلاة هل يبدأ بالفائتة وإن فاتته الجمعة؟ كما يقوله أبو حنيفة أو يصلي الجمعة ثم يصلي الفائتة كما يقول الشافعي وأحمد وغيرهما ثم هل عليه إعادة الجمعة ظهرا؟ على قولين هما روايتان عن أحمد
وأصل هذا: أن الترتيب في قضاء الفوائت واجب في الصلوات القليلة عند الجمهور كأبي حنيفة ومالك وأحمد بل يجب عنده في إحدى الروايتين في القليلة والكثيرة وبينهم نزاع في حد القليل وكذلك يجب قضاء الفوائت على الفور عندهم وكذلك عند الشافعي إذا تركها عمدا في الصحيح عندهم بخلاف الناسي
واحتج الجمهور بقول النبي ﷺ: [ من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها لا كفارة لها إلا ذلك ] وفي لفظ: [ فإن ذلك وقتها ]
واختلف الموجبون للترتيب هل يسقط بضيق الوقت؟ على قولين هما روايتان عن أحمد لكن أشهرهما عنه أنه يسقط الترتيب كقول أبي حنيفة وأصحابه والأخرى لا يسقط كقول مالك وكذلك هل يسقط بالنسيان؟ فيه نزاع نحو هذا
وإذا كانت المسارعة إلى قضاء الفائتة وتقديمها على الحاضرة بهذه المزية: كان فعل ذلك في مثل هذا الوقت هو الواجب وأما الشافعي فإذا كان يجوز تحية المسجد في هذا الوقت فالفائتة أولى بالجواز والله أعلم
115 - / 31 - مسألة: في الصلاة في النعل ونحوه؟
الجواب: أما الصلاة في النعل ونحوه مثل الجمجم والمداس والزربول وغير ذلك: فلا يكره بل هو مستحب لما ثبت في الصحيح عن النبي ﷺ أنه كان يصلي في نعليه وفي السنن عنه أنه قال: [ إن اليهود لا يصلون في نعالهم فخالفوهم ] فأمر بالصلاة في النعال مخالفة لليهود
وإذا علمت طهارتها لم تكره الصلاة فيها باتفاق المسلمين وأما إذا تيقن نجاستها فلا يصلي فيها حتى تطهر
لكن الصحيح أنه إذا دلك النعل بالأرض طهر بذلك كما جاءت به السنة سواء كانت النجاسة عذرة أو غير عذرة فإن أسفل النعل محل تكرر ملاقاة النجاسة له فهو بمنزلة السبيلين فلما كان إزالته عنها بالحجارة ثابتا بالسنة المتواترة فكذلك هذا
وإذا شك في نجاسة أسفل الخف لم تكره الصلاة فيه ولو تيقن بعد الصلاة أنه كان نجسا فلا إعادة عليه في الصحيح وكذلك غيره كالبدن والثياب والأرض
116 - / 32 - مسألة: في لبس القباء في الصلاة إذا أراد أن يدخل يديه في أكمامه هل يكره أم لا؟
الجواب: الحمد لله لا بأس بذلك فإن الفقهاء ذكروا جواز ذلك وليس هو مثل السدل المكروه لما فيه من مشابهة اليهود: فإن هذه اللبسة ليست من ملابس اليهود والله أعلم
117 - / 33 - مسألة: في الفراء من جلود الوحوش هل تجوز الصلاة فيها؟
الجواب: الحمد لله أما جلد الأرنب فتجوز الصلاة فيه بلا ريب وأما الثعلب ففيه نزاع والأظهر جواز الصلاة فيه وجلد الضبع وكذلك كل جلد غير جلود السباع التي نهى النبي ﷺ عن لبسها
118 - / 34 - مسألة: سئل عن المرأة إذا ظهر شيء من شعرها في الصلاة هل تبطل صلاتها أم لا؟
أجاب: إذا انكشف شيء يسير من شعرها وبدنها لم يكن عليها الإعادة عند أكثر العلماء وهو مذهب أبي حنيفة وأحمد
وإن انكشف شيء كثير أعادت الصلاة في الوقت عند عامة العلماء الأئمة الأربعة وغيرهم والله أعلم
119 - / 35 - مسألة: سئل عن المرأة إذا صلت وظاهر قدمها مكشوف هل تصح صلاتها؟
أجاب: هذا فيه نزاع بين العلماء ومذهب أبي حنيفة صلاتها جائزة وهو أحد القولين
120 - / 36 - مسألة: سئل: عما إذا صلى في موضع نجس؟
أجاب: إذا صلى وبعض بدنه في موضع نجس لم يمكنه الصلاة إلا فيه فهو معذور وتصح صلاته
وأما إن أمكنه الصلاة في موضع طاهر فليس له أن يصلي في الموضع النجس
121 - / 37 - مسألة: هل تكره الصلاة في أي موضع من الأرض؟
الجواب: نعم ! ينهى عن الصلاة في مواطن فإنه قد ثبت في الصحيح [ عن النبي ﷺ أنه سئل عن الصلاة في أعطان الإبل فقال: لا تصلوا فيها ] وسئل [ عن الصلاة في مبارك الغنم فقال: صلوا فيها ] وفي السنن أنه قال: [ الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام ] وفي الصحيح عنه - ﷺ - أنه قال [ لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد يحذر ما صنعوا ]
وفي الصحيح عنه أنه قال: [ إن من كان قبلكم كانوا يتخذون القبور مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك ] وفي السنن: [ أنه نهى عن الصلاة بأرض الخسف ] وفي سنن ابن ماجه وغيره: [ أنه نهى عن الصلاة في سبع مواطن: المقبرة والمجزرة والمزبلة وقارعة الطريق والحمام وظهر البيت الحرام ] وهذه المواضع - غير ظهر بيت الله الحرام - قد يعللها بعض الفقهاء بأنها مظنة النجاسة وبعضهم يجعل النهي تعبدا
والصحيح أن عللها مختلفة تارة تكون العلة مشابهة أهل الشرك: كالصلاة عند القبور وتارة لكونها مأوى للشياطين: كأعطان الإبل وتارة لغير ذلك والله أعلم
122 - / 38 - سئل: عن الحمام إذا اضطر المسلم للصلاة فيها وخاف فوات الوقت هل يجوز ذلك أم لا؟
الجواب: إذا لم يمكنه أن يغتسل ويخرج ويصلي حتى يخرج الوقت فإنه يغتسل ويصلي بالحمام فإن الصلاة في الأماكن المنهى عنها في الوقت أولى من الصلاة بعد الوقت في غيرها ولهذا لو حبس في الحش صلى فيه وفي الاعادة نزاع والصحيح أنه لا إعادة عليه: ولهذا يصلي في الوقت عريانا إذا لم يمكنه إلا كذلك وأما إن أمكنة الاغتسال والخروج للصلاة خارج الحمام في الوقت لم يجز له الصلاة في الحمام وكذلك لو أمكنه الاغتسال في بيته فإنه لا يصلي في الحمام إلا لحاجة والله أعلم
123 - / 39 - مسألة: عن الصلاة في الحمام؟
الجواب: في سنن أبي داود وغيره عن أبي سعيد عن النبي ﷺ أنه قال: [ الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام ] وقد صححه الحفاظ وأما إن ضاق الوقت فهل يصلي في الحمام؟ أو يفوت الصلاة حتى يخرج فيصلي خارجها؟ على قولين في مذهب أحمد وغيره فلا يصلح أن يصلي في الحمام
وينبغي لمن أصابته جنابة إن احتاج إلى الحمام أن يغتسل في أول الوقت ويخرج يصلي ثم إن أحب أن يتم اغتساله بالسدر ونحوه عاد إلى الحمام وجمهور العلماء على أن الصلاة فيها منهي عنها إما نهي تحريم أولا تصح: كالمشهور من مذهب أحمد وغيره وإما نهي تنزيه كمذهب الشافعي وغيره
124 - / 40 - سئل: هل له أن يصلي في الحمام إذا خاف خروج الوقت؟ أم لا؟
الجواب: أما إذا ذهب إلى الحمام ليغتسل ويخرج ويصلي خارج الحمام في الوقت فلم يمكنه إلا أن يصلي في الحمام أو تفوت الصلاة فالصلاة في الحمام خير من تفويت الصلاة فإن الصلاة في الحمام كالصلاة في الحش والمواضع النجسة ونحو ذلك
ومن كان في موضع نجس ولم يمكنه أن يخرج منه حتى يفوت الوقت فإنه يصلي فيه ولا يفوت الوقت لأن مراعاة الوقت مقدمة على مراعاة جميع الواجبات
وأما إن كان يعلم أنه إذا ذهب إلى الحمام لم يمكنه الخروج حتى يخرج الوقت فقد تقدمت هذه المسألة والأظهر أنه يصلي بالتيمم فإن الصلاة بالتيمم خير من الصلاة في الأماكن التي نهى عنها وعن الصلاة بعد خروج الوقت