البداية والنهاية/الجزء السابع/ثم دخلت سنة تسع وعشرين
ففيها: عزل عثمان بن عفان أبا موسى الأشعري عن البصرة بعد عمله ست سنين، وقيل: ثلاث.
وأمر عليها عبد الله بن عامر بن كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس، وهو ابن خال عثمان بن عفان، وجمع له بين جند أبي موسى وجند عثمان بن أبي العاص، وله من العمر خمس وعشرون سنة، فأقام بها ست سنين.
وفي هذه السنة: افتتح عبد الله بن عامر فارس في قول الواقدي وأبي معشر.
زعم سيف: أنه كان قبل هذه السنة. فالله أعلم.
وفيها: وسع عثمان بن عفان مسجد النبي ﷺ، وبناه بالقَصَّة - وهي الكلس - كان يؤتى به من بطن نخل والحجارة المنقوشة، وجعل عمده حجارة مرصعة، وسقفه بالساج، وجعل طوله ستين ومائة ذراع، وعرضه خمسين ومائة ذراع، وجعل أبوابه ستة، على ما كانت عليه في زمان عمر بن الخطاب، ابتدأ بناءه في ربيع الأول منها.
وفيها: حج بالناس عثمان بن عفان، وضرب له بمنى فسطاطا، فكان أول فسطاط ضربه عثمان بمنى، وأتم الصلاة عامه هذا، فأنكر ذلك عليه غير واحد من الصحابة كعلي، وعبد الرحمن بن عوف، وعبد الله بن مسعود، حتى قال ابن مسعود: ليت حظي من أربع ركعات ركعتان متقبلتان.
وقد ناظره عبد الرحمن بن عوف فيما فعله، فروى ابن جرير أنه قال: تأهلت بمكة.
فقال له: ولك أهل بالمدينة، وإنك تقوم حيث أهلك بالمدينة.
قال: وإن لي مالا بالطائف أريد أن أطلعه بعد الصدر.
قال: إنك بينك وبين الطائف مسيرة ثلاث.
فقال: وإن طائفة من أهل اليمن قالوا: إن الصلاة بالحضر ركعتان، فربما رأوني أصلي ركعتين فيحتجون بي.
فقال له: قد كان رسول الله ﷺ ينزل عليه الوحي والناس يومئذ الإسلام فيهم قليل، وكان يصلي ههنا ركعتين، وكان أبو بكر يصلي ههنا ركعتين، وكذلك عمر بن الخطاب، وصليت أنت ركعتين صدرا من إمارتك.
قال: فسكت عثمان، ثم قال: إنما هو رأي رأيته.