البداية والنهاية/الجزء السابع/ذكر طائفة من أعيانهم رضي الله عنهم

البداية والنهايةالجزء السابع المؤلف ابن كثير
ذكر طائفة من أعيانهم رضي الله عنهم



ذكر طائفة من أعيانهم رضي الله عنهم


الحارث بن هشام

أخو أبي جهل، أسلم يوم الفتح، وكان سيدا شريفا في الإسلام كما كان في الجاهلية، استشهد بالشام في هذه السنة في قول، وتزوج عمر بعده بامرأته فاطمة.

شرحبيل بن حسنة

أحد أمراء الأرباع، وهو أمير فلسطين، وهو شرحبيل بن عبد الله بن المطاع بن قطن الكندي حليف بني زهرة، وحسنة أمه، نسب إليها وغلب عليه ذلك، أسلم قديما، وهاجر إلى الحبشة، وجهزه الصديق إلى الشام، فكان أميرا على ربع الجيش، وكذلك في الدولة العمرية، وطعن هو وأبو عبيدة وأبو مالك الأشعري في يوم واحد سنة ثماني عشرة.

له حديثان، روى ابن ماجه أحدهما في الوضوء وغيره.

عامر بن عبد الله بن الجراح

ابن هلال بن أهيب بن ضبة بن الحارث بن فهر القرشي، أبو عبيدة بن الجراح الفهري، أمين هذه الأمة، وأحد العشرة المشهود لهم بالجنة، وأحد الخمسة الذين أسلموا في يوم واحد، وهم: عثمان بن مظعون، وعبيدة بن الحارث، وعبد الرحمن بن عوف، وأبو سلمة بن عبد الأسد، وأبو عبيدة بن الجراح.

أسلموا على يدي الصديق.

ولما هاجروا آخى رسول الله بينه وبين سعد بن معاذ، وقيل: بين محمد بن مسلمة.

وقد شهد بدرا وما بعدها، وقال رسول الله : « إن لكل أمة أمينا، وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح »، ثبت ذلك في الصحيحين.

وثبت في الصحيحين أيضا: أن الصديق قال يوم السقيفة: وقد رضيت لكم أحد هذين الرجلين فبايعوه - يعني عمر بن الخطاب، وأبا عبيدة -.

وبعثه الصديق أميرا على ربع الجيش إلى الشام، ثم لما انتدب خالدا من العراق، كان أميرا على أبي عبيدة وغيره لعلمه بالحروب.

فلما انتهت الخلافة إلى عمر عزل خالدا وولى أبا عبيدة بن الجراح، وأمره أن يستشير خالدا، فجمع للأمة بين أمانة أبي عبيدة وشجاعة خالد.

قال ابن عساكر: وهو أول من سمي أمير الأمراء بالشام.

قالوا: وكان أبو عبيدة طوالا نحيفا أجنى معروق الوجه، خفيف اللحية، أهتم، وذلك لأنه لما انتزع الحلقتين من وجنتي رسول الله يوم أحد خاف أن يؤلم رسول الله فتحامل على ثنيتيه فسقطتا، فما رأى أحسن هتما منه.

توفي بالطاعون عام عمواس كما تقدم سياقه في سنة ست عشرة عن سيف بن عمر.

والصحيح: أن عمواس كانت في هذه السنة - سنة ثماني عشرة - بقرية فحل، وقيل: بالجابية.

وقد اشتهر في هذه الأعصار قبر بالقرب من عقبة ينسب إليه والله أعلم.

وعمره يوم مات: ثمان وخمسون سنة.

الفضل بن عباس بن عبد المطلب

كان حسنا وسيما جميلا، أردفه رسول الله وراءه يوم النحر من حجة الوداع، وهو شاب حسن، وقد شهد فتح الشام، واستشهد بطاعون عمواس في قول محمد بن سعد، والزبير بن بكار، وأبي حاتم، وابن الرقي وهو الصحيح.

وقيل: يوم مرج الصفر، وقيل: بأجنادين.

ويقال: باليرموك سنة ثمان وعشرين.

ابن عمرو بن أوس بن عابد بن عدي بن كعب بن عمرو بن أدى بن علي بن أسد بن ساردة بن يزيد بن جشم بن الخزرج الأنصاري الخزرجي أبو عبد الرحمن المدني، صحابي جليل كبير القدر.

معاذ بن جبل

قال الواقدي: كان طوالا حسن الشعر والثغر، براق الثنايا، لم يولد له.

وقال غيره: بل ولد له ولد وهو عبد الرحمن.

شهد معه اليرموك. وقد شهد معاذ العقبة.

ولما هاجر الناس آخى رسول الله بينه وبين ابن مسعود.

وحكى الواقدي الإجماع على ذلك.

وقد قال محمد بن إسحاق: آخى بينه وبين جعفر بن أبي طالب.

وشهد بدرا وما بعدها. وكان أحد الأربعة من الخزرج الذين جمعوا القرآن في حياة النبي وهم: أُبيُّ بن كعب، وزيد بن ثابت، ومعاذ بن جبل، وأبو زيد عمر بن أنس بن مالك.

وصح في الحديث الذي رواه أبو داود والنسائي من حديث حيوة بن شريح، عن عقبة بن مسلم، عن أبي عبد الرحمن الجيلي، عن الصنابحي، عن معاذ: أن رسول الله قال له: « يا معاذ، والله إني لأحبك، فلا تدعن أن تقول في دبر كل صلاة: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك ».

وفي المسند، والنسائي، وابن ماجه من طريق أبي قلابة عن أنس مرفوعا: « وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل ».

وقد بعثه رسول الله إلى اليمن وقال له: « بم تحكم؟ »

فقال: بكتاب الله، وبالحديث.

وكذلك أقره الصديق على ذلك يعلم الناس الخير باليمن.

ثم هاجر إلى الشام فكان بها حتى مات بعد ما استخلفه أبو عبيدة حين طعن ثم طعن بعده في هذه السنة.

وقد قال عمر بن الخطاب: إن معاذا يبعث أمام العلماء بربوة.

ورواه محمد بن كعب مرسلا.

وقال ابن مسعود: كنا نشبهه بإبراهيم الخليل.

وقال ابن مسعود: إن معاذا كان قانتا لله حنيفا ولم يكن من المشركين.

وكانت وفاته شرقي غور بيسان، سنة ثماني عشرة، وقيل: سنة تسع عشرة.

وقيل: سبع عشرة، عن ثمان وثلاثين سنة على المشهور.

وقيل غير ذلك والله أعلم.

يزيد بن أبي سفيان

أبو خالد صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف القرشي الأموي، أخو معاوية، وكان يزيد أكبر وأفضل.

وكان يقال له: يزيد الخير، أسلم عام الفتح، وحضر حنينا وأعطاه رسول الله مائة من الإبل وأربعين أوقية.

واستعمله الصديق على ربع الجيش إلى الشام، وهو أول أمير وصل إليها، ومشى الصديق في ركابه يوصيه، وبعث معه أبا عبيدة، وعمرو بن العاص، وشرحبيل بن حسنة، فهؤلاء أمراء الأرباع.

ولما افتتحوا دمشق دخل هو من باب الجابية الصغير عنوة كخالد في دخوله من الباب الشرقي عنوة، وكان الصديق قد وعده بإمرتها، فوليها عن أمر عمر وأنفذ له ما وعده الصديق، وكان أول من وليها من المسلمين.

المشهور: أنه مات في طاعون عمواس كما تقدم.

وزعم الوليد بن مسلم: أنه توفي سنة تسع عشرة بعد ما فتح قيسارية.

ولما مات كان قد استخلف أخاه معاوية على دمشق، فأمضى عمر بن الخطاب له ذلك رضي الله عنهم، وليس في الكتب شيء.

وقد روى عنه أبو عبد الله الأشعري: أن رسول الله قال: « مثل الذي يصلي ولا يتم ركوعه ولا سجوده مثل الجائع الذي لا يأكل إلا التمرة والتمرتين لا يغنيان عنه شيئا ».

أبو جندل بن سهيل

ابن عمرو، وقيل: اسمه العاص.

أسلم قديما، وقد جاء يوم صلح الحديبية مسلما يوسف في قيوده لأنه كان قد استضعف فرده أبوه وأبى أن يصالح حتى يرد، ثم لحق أبو جندل بأبي بصير إلى سيف البحر، ثم هاجر إلى المدينة وشهد فتح الشام.

وقد تقدم أنه تأول آية الخمر ثم رجع، ومات بطاعون عمواس رحمه الله ورضي عنه.

أبو عبيدة بن الجراح هو عامر بن عبد الله تقدم.

أبو مالك الأشعري، قيل: اسمه كعب بن عاصم، قدم مهاجرا سنة خيبر مع أصحاب السفينة، وشهد ما بعدها، واستشهد بالطاعون عام عمواس هو وأبو عبيدة ومعاذ في يوم واحد رضي الله عنهم أجمعين.

البداية والنهاية - الجزء السابع
سنة ثلاث عشرة من الهجرة | وقعة اليرموك | انتقال إمرة الشام من خالد إلى أبي عبيدة بعد وقعة اليرموك | وقعة جرت بالعراق بعد مجيء خالد إلى الشام | خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه | فتح دمشق | فصل الاختلاف في فتح دمشق صلحا أو عنوة | بعث خالد بن الوليد إلى البقاع لفتحه | وقعة فحل | ما وقع بأرض العراق آنذاك من القتال | وقعة النمارق | وقعة جسر أبي عبيد ومقتل أمير المسلمين وخلق كثير منهم | وقعة البويب التي اقتص فيها المسلمون من الفرس | فصل بعث عمر بن الخطاب سعد بن أبي وقاص أميرا على العراق | ذكر اجتماع الفرس على يزدجرد بعد اختلافهم | ما وقع سنة ثلاث عشرة من الحوادث | ذكر المتوفين في هذه السنة مرتبين على الحروف | سنة أربع عشرة من الهجرة | غزوة القادسية | فصل وقعة القادسية | ذكرى من توفى في هذا العام من المشاهير | ثم دخلت سنة خمس عشرة | وقعة حمص الأولى | وقعة قنسرين | وقعة قيسارية | وقعة أجنادين | فتح بيت المقدس على يدي عمر بن الخطاب | أيام برس وبابل وكوثى | وقعة نهرشير | ومن توفي هذه السنة مرتبين على الحروف | ثم دخلت سنة ست عشرة | ذكر فتح المدائن | وقعة جلولاء | ذكر فتح حلوان | فتح تكريت والموصل | فتح ماسبذان من أرض العراق | فتح قرقيسيا وهيت في هذه السنة | ثم دخلت سنة سبع عشرة | أبو عبيدة وحصر الروم له بحمص وقدوم عمر إلى الشام | فتح الجزيرة | شيء من أخبار طاعون عمواس | كائنة غريبة فيها عزل خالد عن قنسرين أيضا | فتح الأهواز ومناذر ونهر تيري | فتح تستر المرة الأولى صلحا | ذكر غزو بلاد فارس من ناحية البحرين عن ابن جرير عن سيف | ذكر فتح تستر ثانية وأسر الهرمزان وبعثه إلى عمر بن الخطاب | فتح السويس | ثم دخلت سنة ثماني عشرة | ذكر طائفة من أعيانهم رضي الله عنهم | ثم دخلت سنة تسع عشرة | ذكر من توفى فيها من الأعيان | سنة عشرين من الهجرة | صفة فتح مصر عن ابن إسحاق وسيف | قصة نيل مصر | ذكر المتوفين من الأعيان | ثم دخلت سنة إحدى وعشرين وكانت وقعة نهاوند | ذكر من توفي إحدى وعشرين | ثم دخلت سنة ثنتين وعشرين وفيها كانت فتوحات كثيرة | فتح الري | فتح قومس | فتح جرجان | وهذا فتح أذربيجان | فتح الباب | أول غزو الترك | قصة السد | بقية من خبر السد | قصة يزدجرد بن شهريار بن كسرى | خراسان مع الأحنف بن قيس | ثم دخلت سنة ثلاث وعشرين وفيها وفاة عمر بن الخطاب | فتح فسا ودار أبجرد وقصة سارية بن زنيم | فتح كرمان وسجستان ومكران | غزة الأكراد | خبر سلمة بن قيس الأشجعي والأكراد | وفاة عمر بن الخطاب رضي الله عنه تعالى | صفته رضي الله عنه | ذكر زوجاته وأبنائه وبناته | ذكر بعض ما رثي به | أحداث وقعت في هذه السنة | ذكر من توفي في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه | خلافة أمير المؤمنين عثمان بن عفان ثم استهلت سنة أربع وعشرين | ثم دخلت سنة خمس وعشرين | ثم دخلت سنة ست وعشرين | ثم دخلت سنة سبع وعشرين | غزوة إفريقية | غزوة الأندلس | ثم دخلت سنة ثمان وعشرين فتح قبرص | ثم دخلت سنة تسع وعشرين | سنة ثلاثين من الهجرة النبوية | فصل ذكر الذهبي وفاة أبي بن كعب | ثم دخلت سنة إحدى وثلاثين | كيفية قتل كسرى ملك الفرس وهو يزدجرد | ثم دخلت سنة ثنتين وثلاثين | ذكر من توفي من الأعيان في هذا السنة | ثم دخلت سنة ثلاث وثلاثين | ثم دخلت سنة أربع وثلاثين | ثم دخلت سنة خمس وثلاثين ففيها مقتل عثمان | ذكر مجيء الأحزاب إلى عثمان للمرة الثانية من مصر | ذكر حصر أمير المؤمنين عثمان بن عفان | فصل استمرار حصار عثمان بن عفان | صفة قتله رضي الله عنه | فصل مقتل عثمان رضي الله عنه | فصل مدة حصاره أربعون يوما | ذكر صفته رضي الله عنه | فصل قتل عثمان أول الفتن وآخر الفتن الدجال | وهذا ذكر بعض ما رثي به رضي الله عنه | إن قال قائل كيف وقع قتل عثمان رضي الله عنه بالمدينة وفيها جماعة من كبار الصحابة رضي الله عنهم | بعض الأحاديث الواردة في فضائل عثمان بن عفان | الأول فيما ورد في فضائله مع غيره | القسم الثاني فيما ورد من فضائله وحده | ذكر شيء من سيرته وهي دالة على فضيلته | شيء من خطبه | فصل من مناقبه رضي الله عنه | فصل ومن مناقبه أيضا | ذكر زوجاته وبنيه وبناته رضي الله عنهم | فصل ذكر حديث تدور رحا الإسلام | في ذكر من توفي زمان عثمان ممن لا يعرف وقت وفاته على التعيين | خلافة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه | ذكر بيعة علي رضي الله عنه بالخلافة | ثم دخلت سنة ست وثلاثين من الهجرة | ابتداء وقعة الجمل | مسير علي بن أبي طالب من المدينة إلى البصرة بدلا من الشام | فصل فراغ علي رضي الله عنه من أمر الجمل | فصل في ذكر أعيان من قتل يوم الجمل | وفي هذه السنة أعني سنة ست وثلاثين | فصل في وقعة صفين بين أهل العراق وبين أهل الشام | ثم دخلت سنة سبع وثلاثين | رفع أهل الشام المصاحف | قصة التحكيم | خروج الخوارج | فصل قد تقدم أن عليا رضي الله عنه لما رجع من الشام بعد وقعة صفين | اجتماع الحكمين أبي موسى وعمرو بن العاص بدومة الجندل | خروج الخوارج من الكوفة ومبارزتهم عليا | مسير أمير المؤمنين علي إلى الخوارج | ما ورد فيهم من الأحاديث الشريفة | فصل خطبة علي رضي الله عنه بعد انصرافه من النهروان | فصل ما جرى من أحداث في قصة التحكيم | فصل قتاله للخوارج كان سنة سبع وثلاثين | ذكر من توفي فيها من الأعيان | ثم دخلت سنة ثمان وثلاثين | فصل قتال علي رضي الله عنه لأهل النهروان سنة ثمان وثلاثين | ذكر من توفي في هذه السنة من الأعيان | ثم دخلت سنة تسع وثلاثين | سنة أربعين من الهجرة | ذكر مقتل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب | صفة مقتله رضي الله عنه | ذكر زوجاته وبنيه وبناته | شيء من فضائل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب | حديث المؤآخاة | تزويجه فاطمة الزهراء رضي الله عنهما | حديث غدير خم | حديث الطير | حديث آخر في فضل علي