البداية والنهاية/الجزء السابع/وقعة نهرشير
قالوا: ثم قدم سعد زهرة بين يديه من كوثى إلى نهرشير، فمضى إلى المقدمة، وقد تلقاه شيرزاذ إلى ساباط بالصلح والجزية، فبعثه إلى سعد فأمضاه، ووصل سعد بالجنود إلى مكان يقال له: مظلم ساباط، فوجدوا هنالك كتائب كثيرة لكسرى يسمونها: بوران، وهم يقسمون كل يوم لا يزول ملك فارس ما عشنا، ومعهم أسد كبير لكسرى يقال له: المقرط قد أرصدوه في طريق المسلمين، فتقدم إليه ابن أخي سعد، وهو هاشم بن عتبة، فقتل الأسد والناس ينظرون، وسمي: يومئذ سيفه المتين.
وقبل سعد يومئذ رأس هاشم، وقبل هاشم قدم سعد، وحمل هاشم على الفرس فأزالهم عن أماكنهم وهزمهم وهو يتلو قوله تعالى: « أولم تكونوا أقسمتم من قبل مالكم من زوال » فلما كان الليل ارتحل المسلمون ونزلوا نهرشير فجعلوا كلما وقفوا كبروا، وكذلك حتى كان آخرهم مع سعد فأقاموا بها شهرين ودخلوا في الثالث وفرغت السنة.
قال ابن جرير: وفيها حج بالناس عمر وكان عامله فيها على مكة عتاب بن أسيد، وعلى الشام أبو عبيدة، وعلى الكوفة والعراق سعد، وعلى الطائف يعلى بن أمية، وعلى البحرين واليمامة عثمان بن أبي العاص، وعلى عُمان حذيفة بن محصن.
قلت: وكانت وقعة اليرموك في سنة خمس عشرة في رجب منها عند الليث بن سعد، وابن لهيعة، وأبي معشر، والوليد بن مسلم، ويزيد بن عبيدة، وخليفة بن خياط، وابن الكلبي، ومحمد بن عائذ، وابن عساكر، وشيخنا أبي عبد الله الذهبي الحافظ.
وأما سيف بن عمر، وأبو جعفر بن جرير فذكروا وقعة اليرموك في سنة ثلاث عشرة.
وقد قدمنا ذكرها هنالك تبعا لابن جرير، وهكذا وقعة القادسية عند بعض الحفاظ: أنها كانت في أواخر هذه السنة - سنة خمس عشرة - وتبعهم في ذلك شيخنا الحافظ الذهبي.
والمشهور: أنها كانت في سنة أربع عشرة كما تقدم ثم ذكر شيخنا الذهبي.