البداية والنهاية/الجزء السابع/فصل من مناقبه رضي الله عنه
قال الإمام أحمد: حدثنا هشيم، ثنا محمد بن قيس الأسدي، عن موسى بن طلحة. قال: سمعت عثمان بن عفان وهو على المنبر والمؤذن يقيم الصلاة وهو يستخبر الناس يسألهم عن أخبارهم، وأسفارهم.
وقال أحمد: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، ثنا يونس - يعني: ابن عبيد -، حدثني عطاء بن فروخ مولى القرشيين أن عثمان اشترى من رجل أرضا، فأبطأ عليه فلقيه، فقال: ما منعك من قبض مالك؟.
قال: إنك غبنتني، فما ألقى من الناس أحدا إلا وهو يلومني.
قال: أذلك يمنعك؟
قال: نعم!.
قال: فاختر بين أرضك ومالك، ثم قال: قال رسول الله ﷺ: « أدخَلِ الله الجنة رجلا كان سهلا مشتريا وبائعا وقاضيا ومقتضيا ».
وروى ابن جرير: أن طلحة لقي عثمان وهو خارج إلى المسجد فقال له طلحة: إن الخمسين ألفا التي تلك عندي قد حصلت فأرسل من يقبضها.
فقال له عثمان: إنا قد وهبناكها لمروءتك.
وقال الأصمعي: استعمل ابن عامر قطن بن عوف الهلالي على كرمان، فأقبل جيش من المسلمين - أربعة آلاف - وجرى الوادي فقطعهم عن طريقهم، وخشي قطن الفوت.
فقال: من جاز الوادي؟ فله ألف درهم، فحملوا أنفسهم على العوم، فكان إذا جاز الرجل منهم قال: قطن أعطوه جائزته، حتى جازوا جميعا، وأعطاهم أربعة آلاف ألف درهم، فأبى ابن عامر أن يحسبها له، فكتب بذلك إلى عثمان بن عفان، فكتب عثمان: أن احسبها له فإنه إنما أعان المسلمين في سبيل الله، فمن ذلك اليوم سميت الجوائز لإجازة الوادي.
فقال الكناني ذلك:
فَدىً للأكرمين بني هلال * على عِلاتهم أهلي ومالي
همَّوا سنَّوا الجوائز في معدٍّ * فعادت سنَّةً أخرى الليالي
رماحهمُ تزيد على ثمان * وعشرٍ قبل تركيب النصالِ