كتاب الأم/كتاب اختلاف مالك والشافعي رضي الله عنهما/باب القضاء في الضرس والترقوة والضلع
[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: أخبرنا مالك عن زيد بن أسلم عن مسلم بن جندب عن أسلم مولى عمر بن الخطاب أن عمر قضى في الضرس بجمل وفي الترقوة بجمل وفي الضلع بجمل.
[قال الشافعي]: أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد أنه سمع سعيد بن المسيب يقول: قضى عمر في الأضراس ببعير بعير وقضى معاوية في الأضراس بخمسة أبعرة خمسة أبعرة قال سعيد بن المسيب: فالدية تنقص في قضاء عمر وتزيد في قضاء معاوية فلو كنت أنا لجعلت في الأضراس بعيرين بعيرين فتلك الدية سواء فقلت: للشافعي: فإنا نقول في الأضراس خمس خمس ونزعم أنه ليس في الترقوة وفي الضلع حكم معروف وإنما فيها حكومة باجتهاد قال: فقد خالفتم حديث زيد بن أسلم عن عمر كله فقلتم في الأضراس خمس خمس وهكذا نقول لما جاء عن النبي ﷺ في السن خمس كانت الضرس سنا قال: فهذا كما قلنا في المسألة قبلها وقد يحتمل أن يكون النبي ﷺ قال: في السن خمس مما أقبل من الفم مما اسمه سن فإذا كانت لنا ولكم حجة بأن نقول: الضرس سن ونذهب إلى حديث النبي ﷺ فيها ونخالف غيره لظاهر حديث النبي ﷺ وإن توجه لغيره أن لا يكون خلاف قول النبي ﷺ فهكذا ينبغي لنا أن لا نترك عن رسول الله ﷺ شيئا أبدا لقول غيره فأما أن تتركوا قول عمر لقول النبي ﷺ مرة وتتركوا قول النبي ﷺ لقول عمر مرة فهذا ما لا يجهل عالم أنه ليس لأحد إن شاء الله. قال: وخالفتم عمر في الترقوة والضلع فقلتم: ليس فيهما شيء موقت.
[قال الشافعي]: وأنا أقول بقول عمر فيهما معا لأنه لم يخالفه واحد من أصحاب النبي ﷺ فيما علمت فلم أر أن أذهب إلى رأيي وأخالفه.
[قال الشافعي]: وروى مالك عن سعيد أنه روى عن عمر في الأضراس بعير بعير وعن معاوية خمسة أبعرة وقال: فيهما بعيرين بعيرين فإذا كان سعيد يعرف عن عمر شيئا ثم يخالفه ولم يذهب أيضا إلى ما ذهبنا إليه من الحديث وكنتم تخالفون عمر ثم تخالفون سعيدا فأين ما تدعون أن سعيدا إذا قال قولا لم يقل به إلا عن علم وتحتجون بقوله في شيء وها أنتم تخالفونه في هذا وغيره فأين ما زعمتم من أن العلم بالمدينة كالوراثة لا يختلفون فيه وحكايتهم إذا حكوا وحكيتم عنهم اختلافا فكذلك حكاية غيركم في أكثر الأشياء إنما الإجماع عندهم فيما يوجد الإجماع فيه عند غيرهم وأن أولى علم الناس بعد الصلاة أن يكون عليه إجماع بالمدينة الديات لأن ابن طاوس قال: عن أبيه ما قضى به النبي ﷺ من عقل وصدقات فإنما نزل به الوحي وعمر من الإسلام بموضعه الذي هو به من الناس فقد خالفتموه في الديات وخالفتم ابن المسيب بعده فيها ولا أرى دعواكم الموروث كما ادعيتم وما أراكم قبلتم عن عمر هذا وما أجدكم تقبلون العلم إلا عن أنفسكم.