كتاب الأم/كتاب اختلاف مالك والشافعي رضي الله عنهما/باب المسح على الخفين
سألت الشافعي عن المسح على الخفين فقال: يمسح المسافر والمقيم إذا لبسا على كمال الطهارة فقلت: وما الحجة؟ قال: السنة الثابتة وقد أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن عباد بن زياد وهو من ولد المغيرة بن شعبة عن المغيرة بن شعبة: (أن رسول الله ﷺ ذهب لحاجته في غزوة تبوك ثم توضأ ومسح على الخفين وصلى).
[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: أخبرنا مالك عن نافع وعبد الله بن دينار أنهما أخبراه أن عبد الله بن عمر قدم الكوفة على سعد بن أبي وقاص وهو أميرها فرآه يمسح على الخفين فأنكر ذلك عليه عبد الله بن عمر فقال له سعد: خل أباك فسأله فقال له عمر: إذا أدخلت رجليك في الخفين وهما طاهرتان فامسح عليهما قال ابن عمر: وإن جاء أحدنا من الغائط؟ قال: وإن جاء أحدكم من الغائط، أخبرنا مالك عن نافع أن ابن عمر بال في السوق ثم توضأ ومسح على خفيه ثم صلى.
[قال الشافعي]: أخبرنا مالك عن سعيد بن عبد الرحمن بن رقيش قال: رأيت أنس بن مالك أتى قباء فبال وتوضأ ومسح على الخفين ثم صلى.
[قال الشافعي]: فخالفتم ما روى صاحبكم عن عمر بن الخطاب وسعد بن أبي وقاص وعبد الله بن عمر وأنس بن مالك وعروة بن الزبير وابن شهاب فقلتم لا يمسح المقيم وقد أخبرنا مالك عن هشام أنه رأى أباه يمسح على الخفين.
[قال الشافعي]: أخبرنا مالك عن ابن شهاب قال: يضع الذي يمسح على الخفين يدا من فوق الخفين ويدا من تحت الخفين ثم يمسح، فقلت للشافعي: فإنا نكره المسح في الحضر والسفر قال: هذا خلاف ما رويتم عن النبي ﷺ وخلاف العمل من أصحابه والتابعين بعدهم فكيف تزعمون أنكم تذهبون إلى العمل والسنة جميعا.
[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن ابن المسيب: (أن رسول الله ﷺ قال لليهود حين افتتح خيبر: أقركم ما أقركم الله على أن الثمر بيننا وبينكم فكان رسول الله ﷺ يبعث ابن رواحة فيخرص بينه وبينهم ثم يقول: إن شئتم فلكم، وإن شئتم فلي)