كتاب الأم/كتاب اختلاف مالك والشافعي رضي الله عنهما/باب في الزكاة
[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن سليمان بن يسار أن أهل الشام قالوا لأبي عبيدة بن الجراح: خذ منا من خيلنا ومن رقيقنا صدقة فأبى ثم كتب إلى عمر فأبى ثم كلموه أيضا فكتب إلى عمر فكتب إليه إن أحبوا فخذها منهم وارددها عليهم قال مالك: يعني ردها إلى فقرائهم.
[قال الشافعي]: وقد أخبرنا ابن عيينة عن الزهري عن السائب بن يزيد أن عمر أمر أن يؤخذ في الفرس شاتان أو عشرة أو عشرون درهما، فقلت للشافعي فإنا نقول لا تؤخذ في الخيل صدقة لأن النبي ﷺ قال: (ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة).
[قال الشافعي]: فقد رويتم وروى غيركم عن عمر هذا فإن كنتم تركتموه لشيء رويتموه عن النبي ﷺ جملة فهكذا فاصنعوا في كل من روى عن أحد شيئا يخالف ما جاء عن النبي ﷺ فيه وإنكم لتخالفون ما جاء عن النبي ﷺ فيما هو أبين من هذا وتعملون فيه بأن الرجل من أصحابه لا يقول قولا يخالفه وتقولون لا يخفى على الرجل من أصحابه قوله ثم يأتي موضع آخر فيختلف كلامكم ولو شاء رجل قال: قال النبي ﷺ: (ليس على مسلم في عبده وفرسه صدقة) إذا كان فرسه مربوطا له مطية فأما خيل تتناتج فنأخذ منها كما أخذ عمر بن الخطاب فقد ذهب هذا المذهب بعض المفتين ولو ذهبتم هذا المذهب لكان له وجه يحتمل فإن لم تقولوا وصرتم إلى اتباع ما جاء عن النبي ﷺ جملة وجملة كل شيء عليه فهكذا فاصنعوا في كل شيء ولا تختلف أقاويلكم إن شاء الله.