كتاب الأم/كتاب اختلاف مالك والشافعي رضي الله عنهما/باب في الحربي يسلم



باب في الحربي يسلم


سألت الشافعي عن المشركين الوثنيين الحربيين يسلم الزوج قبل المرأة أو المرأة قبل الزوج أقام المسلم منهما في دار الإسلام أو خرج فقال: ذلك كله سواء ولا يحل للزوج إصابتها ولا له أن يصيبها إذا كان واحد منهما مسلما، ونظرتهما انقضاء العدة، فإن انقضت عدة المرأة قبل أن يسلم الزوج انقطعت العصمة بينهما وكذلك ولو كان الزوج المسلم فانقضت عدة المرأة قبل أن تسلم هي انقطعت العصمة بينهما لا اختلاف بين الزوج والمرأة في ذلك. فقلت له: علام اعتمدت في هذا؟ فقال: على ما لا أعلم من أهل العلم بالمغازي في هذا اختلافا من أن أبا سفيان أسلم قبل امرأته وأن امرأة صفوان وعكرمة أسلمتا قبلهما ثم استقروا على النكاح وذلك أن آخرهم إسلاما أسلم قبل انقضاء عدة المرأة وفيه أحاديث لا يحضرني ذكرها وقد حضرني منها حديث مرسل وذلك أن مالكا أخبرنا عن ابن شهاب أن صفوان بن أمية هرب من الإسلام ثم أتى النبي وشهد حنينا والطائف مشركا وامرأته مسلمة واستقرا على النكاح قال ابن شهاب: فكان بين إسلام صفوان وامرأته نحو من شهر فقلت له: أرأيت إن قلت مثل إذا أسلمت قبل زوجها خرجت من الدار أو لم تخرج ثم أسلم الزوج فهما على النكاح ما لم تنقض العدة وإذا أسلم الزوج قبل المرأة وقعت الفرقة بينهما إذا عرض عليها الإسلام فلم تسلم لأن الله تبارك وتعالى يقول: {ولا تمسكوا بعصم الكوافر}.

[قال الشافعي]: إذا يدخل عليكم والله أعلم خلاف التأويل والأحاديث والقياس وما القول في رجل يسلم قبل امرأته والمرأة قبل زوجها إلا واحد من قولين أنتم قوم لم تعرفوا فيه الأحاديث أو عرفتموها فرددتموها بتأويل القرآن فإذا تأولتم قول الله: {ولا تمسكوا بعصم الكوافر} لم تعدوا أن تكونوا أردتم بقوله تبارك وتعالى أنه إذا أسلم الزوج انقطعت العصمة بينهما مكانه وأنتم لم تقولوا بهذا وزعمتم أن العصمة إنما تقطع بينهما إذا عرض على الزوجة الإسلام فأبت وقد يعرض عليها الإسلام من ساعتها ويعرض عليها بعد سنة وأكثر فليس هذا بظاهر الآية ولم تقولوا في هذا بخبر ولا يجوز أن يقال بغير ظاهر الآية إلا بخبر لازم فقلت: فإن قلت يعرض عليها الإسلام من ساعتها.

[قال الشافعي]: أفليس يقيم بعد إسلامه قبل يفرق بينهما؟ أو رأيتم إن كانت غائبة عن موضع إسلامه أو بكماء لا تكلم أو مغمى عليها فإن قلتم: تطلق فقد تركتم العرض وإن قلتم: ينتظر بها فقد أقامت في حباله وهي كافرة.

[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: والآية في الممتحنة مثلها قال الله تعالى: {فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن} فسوى بينهما وكيف فرقتم بينهما؟

[قال الشافعي]: هذه الآية في معنى تلك لا تعدو هاتان الآيتان أن تكونا تدلان على أنه إذا اختلف دينا الزوجين فكان لا يحل للزوج جماع زوجته لاختلاف الدينين فقد انقطعت العصمة بينهما أو يكون لا يحل له في تلك الحال ويتم انقطاع العصمة إن جاءت عليها مدة ولم يسلم المتخلف عن الإسلام منهما فإن كان هذا المعنى لم يصلح أن تكون المدة إلا بخبر يلزم لأن رجلا لو قال: مدتهما ستة أشهر أو يوم لم يجز هذا من قبل الرأي إنما يجوز من جهة الأخبار اللازمة فلما سن رسول الله في امرأة أبي سفيان وكان أبو سفيان قد أسلم هو وامرأته هند مقيمة بمكة وهي دار حرب لم تسلم وأمرت بقتله ثم أسلمت بعد أيام فاستقرا على النكاح وهرب عكرمة بن أبي جهل وصفوان بن أمية من الإسلام وأسلمت زوجتاهما ثم أسلما فاستقرا على النكاح وكان ابن شهاب حمل أحد الحديثين أو هما معا فذكر فيه توقيت العدة دل ذلك على انقطاع العصمة بين الزوجين إن انقضت العدة قبل أن يسلم المتخلف عن الإسلام منهما لا أن انقطاع العصمة هو أن يكون أحدهما مسلما ويكون الفرج ممنوعا حين يسلم.

[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: فقيل لبعض من يذهب إلى التفريق بين الزوج يسلم قبل المرأة والمرأة تسلم قبل الزوج أتجهلون امرأة أبي سفيان؟ قالوا: لا ولكن كان الذي بين إسلامهما يسيرا قيل: أما علمتم أن أبا سفيان قد أسلم وقد أقامت هند على الكفر ثم أسلمت فاستقر على النكاح؟ قال: بلى قيل: أو ليس بقيت عقدته عليها وقد أسلم قبلها قال: بلى قيل: فلو كان معنى الآية: {ولا تمسكوا بعصم الكوافر} على أنه متى أسلم حرمت كنتم قد خالفتم الآية وقولكم: وعلمتم أن السنة في هند على غير ما قلتم وإذا كان: {لا تمسكوا بعصم الكوافر} جاءت عليهم مدة لم تسلم فيها فالمدة لا تجوز إلا بخبر يلزم مثله.

[قال الشافعي]: وأنتم إذا قلتم لا يفسخ بينهما حتى يعرض عليها الإسلام فتأباه فإذا عرض عليها الإسلام فأبته انفسخ النكاح قيل: فإذا كانت ببلاد نائية فإذا انقضت عدتها انفسخ النكاح وإن لم يعرض عليها الإسلام وهذا خارج من الوجهين والمعقول إن كان يقطع العصمة أن يسلم الزوج قبلها انبغى أن نخرجها من يده قبل عرض الإسلام وإن كان ذلك بمدة فالمدة التي نذهب إليها نحن وأنتم العدة.

كتاب الأم - كتاب اختلاف مالك والشافعي رضي الله عنهما
كتاب اختلاف مالك والشافعي رضي الله عنهما | باب ما جاء في الصدقات | باب في بيع الثمار | باب في الأقضية | كتاب العتق | باب صلاة الإمام إذا كان مريضا بالمأمومين جالسا وصلاتهم خلفه قياما | باب رفع اليدين في الصلاة | باب الجهر بآمين | باب سجود القرآن | باب الصلاة في الكعبة | باب ما جاء في الوتر بركعة واحدة | باب القراءة في العيدين والجمعة | باب الجمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء | باب إعادة المكتوبة مع الإمام | باب القراءة في المغرب | باب القراءة في الركعتين الأخيرتين | باب المستحاضة | باب الكلب يلغ في الإناء أو غيره | باب ما جاء في الجنائز | باب الصلاة على الميت في المسجد | باب في فوت الحج | باب الحجامة للمحرم | باب ما يقتل المحرم من الدواب | باب الشركة في البدنة | باب التمتع في الحج | باب الطيب للمحرم | باب في العمرى | باب ما جاء في العقيقة | باب في الحربي يسلم | باب في أهل دار الحرب | باب البيوع | باب متى يجب البيع | باب بيع البرنامج | باب بيع الثمر | باب ما جاء في ثمن الكلب | باب الزكاة | باب النكاح بولي | باب ما جاء في الصداق | باب في الرضاع | باب ما جاء في الولاء | باب الإفطار في شهر رمضان | باب في اللقطة | باب المسح على الخفين | باب ما جاء في الجهاد | باب ما جاء في الرقية | باب في الجهاد | باب فيمن أحيا أرضا مواتا | باب في الأمة تغر بنفسها | باب القضاء في المنبوذ | باب القضاء في الهبات | باب في إرخاء الستور | باب في القسامة والعقل | باب القضاء في الضرس والترقوة والضلع | باب في النكاح | باب ما جاء في المتعة | باب في المفقود | باب في الزكاة | باب في الصلاة | باب في قتل الدواب التي لا جزاء فيها في الحج | باب ما جاء في الصيد | باب الأمان لأهل دار الحرب | باب ما روى مالك عن عثمان بن عفان وخالفه في تخمير المحرم وجهه | باب ما جاء في خلاف عائشة في لغو اليمين | باب في بيع المدبر | باب ما جاء في لبس الخز | باب خلاف ابن عباس في البيوع | باب | باب خلاف زيد بن ثابت في الطلاق | باب في عين الأعور | باب خلاف عمر بن عبد العزيز في عشور أهل الذمة | باب خلاف سعيد وأبي بكر في الإيلاء | باب في سجود القرآن | باب غسل الجنابة | باب في الرعاف | باب الغسل بفضل الجنب والحائض | باب التيمم | باب الوتر | باب الصلاة بمنى والنافلة في السفر | باب القنوت | باب الصلاة قبل الفطر وبعده | باب نوم الجالس والمضطجع | باب إسراع المشي إلى الصلاة | باب رفع الأيدي في التكبير | باب وضع الأيدي في السجود | باب من الصيام | باب في الحج | باب الإهلال من دون الميقات | باب في الغدو من منى إلى عرفة | باب قطع التلبية | باب النكاح | باب التمليك | باب المتعة | باب الخلية والبرية | باب في بيع الحيوان | باب الكفارات | باب زكاة الفطر | باب في قطع العبد