كتاب الأم/كتاب اختلاف مالك والشافعي رضي الله عنهما/باب ما جاء في الولاء
[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: أخبرنا مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن رسول الله ﷺ قال: (إنما الولاء لمن أعتق).
[قال الشافعي]: أخبرنا مالك عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر: (أن رسول الله ﷺ نهى عن بيع الولاء وعن هبته).
[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: وبهذا أقول فقلت للشافعي: إنا نقول في السائبة ولاؤه للمسلمين، وفي النصراني يعتق المسلم ولاؤه للمسلمين.
[قال الشافعي]: وتقولون في الرجل يسلم على يدي الرجل أو يلتقطه أو يواليه لا يكون لواحد من هؤلاء ولاء؛ لأن واحدا من هؤلاء لم يعتق، والعتق يقوم مقام النسب ثم تعودون فتخرجون من الحديثين وأصل قولكم فتقولون إذا أعتق الرجل عبده سائبة لم يكن له ولاؤه، وإذا أعتق الذمي عبده المسلم لم يكن له ولاؤه.
[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: ولا يعدو المعتق عبده سائبة، والنصراني يعتق عبده مسلما أن يكونا مالكين يجوز عتقهما فقد قال رسول الله ﷺ: (الولاء لمن أعتق) فمن قال: لا ولاء لهذين فقد خالف ما جاء عن رسول الله ﷺ وأخرج الولاء من المعتق الذي جعله له رسول الله أو يكون كل واحد منهما في حكم من لا يجوز له العتق إذا كانا لا يثبت لهما الولاء فإذا أعتق الرجل عبده سائبة أو النصراني عبده مسلما لم يكن واحد منهما حرا لأنه لا يثبت لهما الولاء وأنتم والله يعافينا وإياكم لا تعرفون ما تتركون، ولا ما تأخذون فقد تركتم على عمر أنه قال للذي التقط المنبوذ: ولاؤه لك وتركتم على ميمونة زوج النبي ﷺ وابن عباس أنها وهبته ولاء سليمان بن يسار وتركتم حديث عبد العزيز بن عمر: (عن النبي ﷺ في الرجل يسلم على يدي الرجل له ولاؤه) وقلتم: الولاء لا يكون إلا لمعتق ولا يزول بهبة ولا شرط عن معتق ثم زعمتم في السائبة وله معتق وفي النصراني يعتق المسلم وهو معتق أن لا ولاء لهما فلو أخذتم ما أصبتم فيه بتبصر كان السائبة والنصراني أولى أن تقولوا: ولاء السائبة لمن أعتقه، والمسلم للنصراني إذا أعتقه وقد فرقتم بينهما كان ما خالفتموه لما خالف حديث النبي ﷺ: (الولاء لمن أعتق) أولى أن تتبعوه؛ لأن فيه آثارا مما لا أثر فيه.