كتاب الأم/كتاب اختلاف مالك والشافعي رضي الله عنهما/باب النكاح بولي
سألت الشافعي عن النكاح فقال: كل نكاح بغير ولي فهو باطل فقلت: وما الحجة في ذلك؟ قال: أحاديث ثابتة فأما من حديث مالك فإن مالكا أخبرنا عن عبد الله بن الفضل عن نافع بن جبير عن ابن عباس عن النبي ﷺ قال: (الأيم أحق بنفسها من وليها والبكر تستأذن في نفسها وإذنها صماتها).
[قال الشافعي]: أخبرنا مالك أنه بلغه أن ابن المسيب كان يقول: قال عمر بن الخطاب: لا تنكح المرأة إلا بإذن وليها أو ذي الرأي من أهلها أو السلطان.
[قال الشافعي]: وثبتم هذا وقلتم: لا يجوز نكاح إلا بولي ونحن نقول فيه بأحاديث من أحاديث الناس أثبت من أحاديثه وأبين.
[قال الشافعي]: أخبرنا مسلم بن خالد وعبد المجيد عن ابن جريج عن سليمان بن موسى عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة عن النبي ﷺ أنه قال: (أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل) ثلاثا.
[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: أخبرنا مسلم وسعيد عن ابن جريج عن عكرمة قال: جمع الطريق ركبا فيهم امرأة ثيب فجعلت أمرها بيد رجل فزوجها رجلا فجلد عمر الناكح والمنكح وفرق بينهما.
[قال الشافعي]: أخبرنا مسلم عن ابن خثيم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: لا نكاح إلا بولي مرشد وشاهدي عدل.
[قال الشافعي]: وهذا قول العامة بالمدينة ومكة. قلت للشافعي: نحن نقول في الدنية لا بأس بأن تنكح بغير ولي، ونفسخه في الشريفة فقال: الشافعي عدتم لما سددتم من أمر الأولياء فنقضتموه قلتم لا بأس أن تنكح الدنية بغير ولي فأما الشريفة فلا.
[قال الشافعي]: السنة والآثار على كل امرأة فمن أمركم أن تخصوا الشريفة بالحياطة لها واتباع الحديث فيها، وتخالفون الحديث عن النبي ﷺ وعمن بعده في الدنية؟ أرأيتم لو قال لكم قائل: بل لا أجيز نكاح الدنية إلا بولي لأنها أقرب من أن تدلس بالنكاح وتصير إلى المكروه من الشريفة التي تستحيي على شرفها وتخاف من يمنعها أما كان أقرب إلى أن يكون أصاب منكم؟ فإن الخطأ في هذا القول لابين من أن يحتاج إلى تبينه بأكثر من حكايته.
[قال الشافعي]: النساء محرمات الفروج إلا بما أبيحت به الفروج من النكاح بالأولياء والشهود والرضا ولا فرق بين ما يحرم منهن وعليهن في شريفة ولا وضيعة، وحق الله عليهن، وفيهن كلهن واحد لا يحل لواحد منهن ولا يحرم منها إلا بما حل للأخرى وحرم منها.