كتاب الأم/كتاب اختلاف مالك والشافعي رضي الله عنهما/باب في إرخاء الستور
[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن ابن المسيب أن عمر بن الخطاب قضى في المرأة يتزوجها الرجل أنها إذا أرخيت الستور فقد وجب الصداق.
[قال الشافعي]: أخبرنا مالك عن ابن شهاب أن زيد بن ثابت قال: إذا دخل بامرأته فأرخيت الستور فقد وجب الصداق.
[قال الشافعي]: وروي عن ابن عباس وشريح أن لا صداق إلا بالمسيس واحتجا أو أحدهما بقول الله تعالى: {وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن} قال بهذا ناس من أهل الفقه فقالوا: لا يلتفت إلى الإغلاق وإنما يجب المهر كاملا بالمسيس والقول في المسيس قول الزوج وقال غيرهم: يجب المهر بإغلاق الباب وإرخاء الستور وروي ذلك عن عمر بن الخطاب وأن عمر قال: ما ذنبهن؟ إن جاء العجز من قبلكم فخالفتم ما قال ابن عباس وشريح وما ذهبا إليه من تأويل الآيتين وهما قول الله تبارك وتعالى: {وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن} وقوله: {ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فمالكم عليهن من عدة تعتدونها} وخالفتم ما رويتم عن عمر وزيد وذلك أن نصف المهر يجب بالعقد ونصفه الثاني بالدخول ووجه قولهما الذي لا وجه له غيره أنها إذا خلت بينه وبين نفسها واختلى بها فهو كالقبض في البيوع فقد وجب نصف المهر الآخر ولم يذهبا إلى مسيس وعمر يدين ثم يقضي بالمهر وإن لم يدع المسيس لقوله ما ذنبهن إن كان العجز من قبلكم ثم زعمتم أنه لا يجب المهر بالغلق والإرخاء إذا لم تدع المرأة جماعا وإنما يجب بالجماع ثم عدتم فأبطلتم الجماع ودعوى الجماع فقلتم إذا كان استمتع بها سنة حتى تبلى ثيابها وجب المهر ومن حد لكم سنة؟ ومن حد لكم إبلاء الثياب؟ وإن بليت الثياب قبل السنة فكيف لم يجب المهر؟ أرأيت إن قال إنسان إذا استمتع بها يوما وقال آخر يومين وقال آخر شهرا وقال آخر عشر سنين أو ثلاثين سنة ما الحجة فيه إلا أن يقال هذا توقيت لم يوقته عمر ولا زيد وهما اللذان انتهينا إلى قولهما ولا يوقت إلا بخبر يلزم فهكذا أنتم فما أعرف لما تقولون من هذا إلا أنه خروج من جميع أقاويل أهل العلم في القديم والحديث وما علمت أحدا سبقكم به فالله المستعان فإن قلتم إنما يؤجل العنين سنة فهذا ليس بعنين والعنين عندكم إنما يؤجل سنة من يوم ترافعه امرأته إلى السلطان ولو أقام معها قبل ذلك دهرا.