[قال الشافعي]: إذا أذن الرجل لعبده بالحج فأحرم فليس له منعه أن يتم على إحرامه وله بيعه وليس لمبتاعه منعه أن يتم إحرامه ولمبتاعه الخيار إذا كان لم يعلم بإحرامه؛ لأنه محول بينه وبين حبسه لمنفعته إلى أن ينقضي إحرامه وكذلك الأمة وكذلك الصبيان إذا أذن لهما أبوهما فأحرما لم يكن له حبسهما.
[قال]: ولو أصاب العبد امرأته فبطل حجه لم يكن لسيده حبسه وذلك؛ لأنه مأمور بأن يمضي في حج فاسد مضيه في حج صحيح ولو أذن له في الحج فأحرم فمنعه مرض: لم يكن له حبسه إذا صح عن أن يحل بطواف، وإن أذن له في حج فلم يحرم: كان له منعه ما لم يحرم.
قال: وإن أذن له أن يتمتع أو يقرن فأعطاه دما للمتعة أو القران: لم يجز عنه؛ لأن العبد لا يملك شيئا، فإذا ملكه شيئا فإنما ملكه للسيد فلا يجزي عنه ما لا يكون له مالكا بحال وعليه فيما لزمه الصوم ما كان مملوكا، فإن لم يصم حتى عتق ووجد ففيها قولان: أحدهما أن يكفر كفارة الحر الواجد والثاني لا يكفر إلا بالصوم؛ لأنه لم يكن له ولا عليه في الوقت الذي أصاب فيه شيء إلا الصوم لو أذن له في الحج فأفسده كان على سيده أن يدعه يتم عليه ولم يكن له على سيده أن يدعه يقضيه، فإن قضاه أجزأ عنه من القضاء وعليه إذا عتق حجة الإسلام.
ولو لم يأذن للعبد سيده بالحج فأحرم به كان أحب إلي أن يدعه يتمه، فإن لم يفعل فله حبسه وفيها قولان: أحدهما أن عليه إذا حبسه سيده عن إتمام حجه شاة يقومها دراهم ثم يقوم الدراهم طعاما ثم يصوم عن كل مد يوما ثم يحل، والقول الثاني يحل ولا شيء عليه حتى يعتق فيكون عليه شاة، ولو أذن السيد لعبده فتمتع فمات العبد، أخبرنا سعيد عن ابن جريج عن عطاء قال: إذا أذنت لعبدك فتمتع فمات فاغرم عنه، فإن قال قائل فهل يجوز أن يفرق بين ما يجزي العبد حيا من إعطاء سيده عنه وما يجزيه ميتا؟ فنعم، أما ما أعطاه حيا فلا يكون له إخراجه من ملكه عنه حيا حتى يكون المعطى عنه مالكا له والعبد لا يكون مالكا، وهكذا ما أعطي عن الحر بإذنه أو وهبه للحر فأعطاه الحر عن نفسه قد ملك الحر في الحالين ولو أعطى عن حر بعد موته أو عبد لم يكن الموتى يملكون شيئا أبدا، ألا ترى أن من وهب لهم أو أوصى أو تصدق عليهم لم يجز وإنما أجزنا أن يتصدق عنهم بالخبر عن (رسول الله ﷺ أنه أمر سعدا أن يتصدق عن أمه)، ولولا ذلك لما جاز ما وصفت لك.