أخبرنا الربيع قال: [قال الشافعي] رحمه الله تعالى: وإذا بلغ غلام أو عتق مملوك أو أسلم كافر بعرفة أو مزدلفة فأحرم أي هؤلاء صار إلى هذه الحال بالحج ثم وافى عرفة قبل طلوع الفجر من ليلة المزدلفة، واقفا بها أو غير واقف، فقد أدرك الحج وأجزأ عنه من حجة الإسلام وعليه دم لترك الميقات، ولو أحرم العبد والغلام الذي لم يبلغ بالحج ينويان بإحرامهما فرض الحج أو النافلة أو لا نية لهما ثم عتق هذا وبلغ هذا قبل عرفة أو بعرفة أو بمزدلفة أو أين كانا فرجعا إلى عرفة بعد البلوغ والعتق أجزأت عنهما من حجة الإسلام، ولو احتاطا بأن يهريقا دما كان أحب إلي، ولا يبين لي أن يكون ذلك عليهما، وأما الكافر فلو أحرم من ميقاته ثم أسلم بعرفة لم يكن له بد من دم يهريقه؛ لأن إحرامه ليس بإحرام.
ولو أذن الرجل لعبده فأهل بالحج ثم أفسده قبل عرفة ثم عتق فوافى عرفة لم تجز عنه من حجة الإسلام؛ لأنه قد كان يجب عليه تمامها؛ لأنه أحرم بإذن أهله وهي تجوز له، وإن لم تجز عنه من حجة الإسلام، فإذا أفسدها مضى فيها فاسدة وعليه قضاؤها ويهدي بدنة، ثم إذا قضاها فالقضاء عنه يجزيه من حجة الإسلام.
ولو أذن الرجل لعبده فأهل بالحج ثم أفسده قبل عرفة ثم عتق فوافى عرفة لم تجز عنه من حجة الإسلام؛ لأنه قد كان يجب عليه تمامها؛ لأنه أحرم بإذن أهله وهي تجوز له، وإن لم تجز عنه من حجة الإسلام، فإذا أفسدها مضى فيها فاسدة وعليه قضاؤها ويهدي بدنة، ثم إذا قضاها فالقضاء عنه يجزيه من حجة الإسلام.
[قال الشافعي]: في الغلام المراهق لم يبلغ: يهل بالحج ثم يصيب امرأته قبل عرفة ثم يحتلم بعرفة يمضي في حجه ولا أرى هذه الحجة مجزئة عنه من حجة الإسلام من قبل أن رسول الله ﷺ إذ جعل له حجا فالحاج إذا جامع أفسد وعليه البدل وبدنة، فإذا جاء ببدل وبدنة أجزأت عنه من حجة الإسلام [قال]: ولو أهل ذمي أو كافر ما كان هذا بحج ثم جامع ثم أسلم قبل عرفة وبعد الجماع فجدد إحراما من الميقات أو دونه وأهراق دما لترك الميقات أجزأت عنه من حجة الإسلام ؛ لأنه لا يكون مفسدا في حال الشرك ؛ لأنه كان غير محرم، فإن قال قائل: فإذا زعمت أنه كان في إحرامه غير محرم، أفكان الفرض عنه موضوعا ؟ قيل: لا، بل كان عليه وعلى كل أحد أن يؤمن بالله عز وجل وبرسوله ويؤدي الفرائض التي أنزلها الله تبارك وتعالى على نبيه، غير أن السنة تدل وما لم أعلم المسلمين اختلفوا فيه أن كل كافر أسلم استأنف الفرائض من يوم أسلم ولم يؤمر بإعادة ما فرط فيه في الشرك منها وأن الإسلام يهدم ما قبله إذا أسلم ثم استقام، فلما كان إنما يستأنف الأعمال ولا يكون عاملا عملا يكتب له إلا بعد الإسلام كان ما كان غير مكتوب له من إحرامه ليس إحراما والعمل يكتب للعبد البالغ، وإذا قال رسول الله ﷺ في الصغير: (له حج، ففي ذلك دلالة على أنه حاج وأن حجه إن شاء الله تعالى مكتوب له).