[قال الشافعي]: فإن قال قائل: لا يرفع الملبي صوته بالتلبية في مساجد الجماعات إلا في مسجد مكة ومنى فهذا قول يخالف الحديث ثم لا يكون له معنى يجوز أن يذهب إليه أحد، إذ حكي (عن رسول الله ﷺ أن جبريل أمره أن يأمر أصحابه أن يرفعوا أصواتهم بالتلبية)، فمتى كانت التلبية من الرجل فينبغي له أن يرفع صوته بها ولو جاز لأحد أن يقول يرفعها في حال دون حال جاز عليه أن يقول يرفعها حيث زعمت أنه يخفضها ويخفضها حيث زعمت أنه يرفعها، وهذا لا يجوز عندنا لأحد، وفي حديث ابن سابط عن السلف أنهم كانوا لا يدعون التلبية عند اضطمام الرفاق دليل على أنهم واظبوا عليها عند اجتماع الناس، وإذا تحروا اجتماع الناس على الطريق كانت المساجد أولى أن يجهروا بذلك فيها أو في مثل معناها؟ أرأيت الأذان أيترك رفع الصوت به في مسجد الجماعات؟ فإن قيل: لا، لأنه قد أمر برفع الصوت قيل وكذلك التلبية به أرأيت لو لم يعلم أحد من هؤلاء شيئا أكانت التلبية تعدو أن يرفع الصوت بها مع الجماعات فكل جماعة في ذلك سواء أو ينهى عنها في الجماعات لأن ذلك يشغل المصلي عن صلاته فهي في المسجد الحرام ومسجد منى أولى أن لا يرفع عليهم الصوت أو مثل غيرهم وإن كان ذلك كراهية رفع الصوت في المساجد أدبا وإعظاما لها، فأولى المساجد أن يعظم، المسجد الحرام ومسجد منى لأنه في الحرم.