أخبرنا سعيد عن ابن جريج أنه بلغه أن (رسول الله ﷺ اضطبع بردائه حين طاف)، أخبرنا سعيد عن ابن جريج عن ابن أبي مليكة أن عمر بن الخطاب استلم الركن ليسعى ثم قال لمن نبدي الآن مناكبنا ومن نرائي وقد أظهر الله الإسلام؟ والله على ذلك لاسعين كما سعى.
[قال الشافعي]: رحمه الله يعني رمل مضطبعا.
[قال الشافعي]: والاضطباع أن يشتمل بردائه على منكبه الأيسر ومن تحت منكبه الأيمن حتى يكون منكبه الأيمن بارزا حتى يكمل سبعة فإذا طاف الرجل ماشيا لا علة به تمنعه الرمل لم أحب أن يدع الاضطباع مع دخوله الطواف وإن تهيأ بالاضطباع قبل دخوله الطواف فلا بأس، وإن كان في إزار وعمامة أحببت أن يدخلهما تحت منكبه الأيمن، وكذلك إن كان مرتديا بقميص أو سراويل أو غيره، وإن كان مؤتزرا لا شيء على منكبيه فهو بادي المنكبين لا ثوب عليه يضطبع فيه ثم يرمل حين يفتتح الطواف فإن ترك الاضطباع في بعض السبع اضطبع فيما بقي منه، وإن لم يضطبع بحال كرهته له كما أكره له ترك الرمل في الأطواف الثلاثة ولا فدية عليه ولا إعادة، أخبرنا سعيد عن عبد الله بن عمر عن نافع (عن ابن عمر أنه كان يرمل من الحجر إلى الحجر ثم يقول: هكذا فعل رسول الله ﷺ)، أخبرنا سعيد عن ابن جريج عن عطاء أن (رسول الله ﷺ رمل من سبعة ثلاثة أطواف خببا ليس بينهن مشي)، أخبرنا سعيد عن ابن جريج عن عطاء أن (رسول الله ﷺ سعى في عمره كلهن الأربع بالبيت وبالصفا والمروة) إلا أنهم ردوه في الأولى والرابعة من الحديبية، أخبرنا سعيد عن ابن جريج عن عطاء قال: سعى أبو بكر عام حج؛ إذ بعثه النبي ﷺ ثم عمر ثم عثمان والخلفاء هلم جرا يسعون كذلك.
[قال الشافعي]: والرمل الخبب لا شدة السعي ثلاثة أطواف لا يفصل بينهن بوقوف إلا أن يقف عند استلام الركنين ثم يمضي خببا، فإذا كان زحام لا يمكنه معه أن يخب فكان إن وقف وجد فرجة وقف، فإذا وجد الفرجة رمل، وإن كان لا يطمع بفرجة لكثرة الزحام أحببت أن يصير حاشية في الطواف فيمكنه أن يرمل فإنه إذا صار حاشية أمكنه أن يرمل ولا أحب ترك الرمل وإن كان إذا صار حاشية منعه كثرة النساء أن يرمل رمل إذا أمكنه الرمل، ومشى إذا لم يمكنه الرمل سجية مشيه ولم أحب أن يثب من الأرض وثوب الرمل، وإنما يمشي مشيا، ويرمل أول ما يبتدئ ثلاثة أطواف ويمشي أربعة، فإن ترك الرمل في الطواف الأول رمل في الطوافين بعده، وكذلك إن ترك الرمل في الطوافين الأولين رمل في الطواف بعدهما، وإن ترك الرمل في الثلاثة لم يقضه في الأربعة؛ لأنه هيئة في وقت، فإذا مضى ذلك الوقت لم يضعه في غير موضعه، ولم يكن عليه فدية ولا إعادة؛ لأنه جاء بالطواف، والطواف هو الفرض فإن ترك الذكر فيهما لم نحبه ولا إعادة عليه وإن ترك الرمل في بعض طواف رمل فيما بقي منه؛ لأن (النبي ﷺ فرق ما بين سبعة فرقين فرقا رمل فيه وفرقا مشى فيه)، فلا يرمل حيث مشى النبي ﷺ وأحب إلي لو لم يمش حيث رمل النبي ﷺ.
[قال الشافعي]: وترك الرمل عامدا ذاكرا وساهيا وناسيا وجاهلا سواء لا يعيد ولا يفتدي من تركه غير أني أكرهه للعامد ولا مكروه فيه على ساه ولا جاهل، وسواء في هذا كله طواف نسك قبل عرفة وبعدها وفي كل حج وعمرة إذا كان الطواف الذي يصل بينه وبين السعي بين الصفا والمروة فإن قدم حاجا أو قارنا فطاف بالبيت وسعى بين الصفا والمروة ثم زار يوم النحر أو بعده لم يرمل؛ لأنه طاف الطواف الذي يصل بينه وبين الصفا والمروة، وإنما طوافه بعده لتحل له النساء، وإن قدم حاجا فلم يطف حتى يأتي " منى " رمل في طوافه بالبيت بعد عرفة، أخبرنا سعيد عن سفيان الثوري عن عبد الله بن عثمان بن خثيم أنه رأى مجاهدا يرمل يوم النحر، فإن قال قائل: فإنك قد تقول في أشياء يتركها المرء من نسكه يهريق دما فكيف لم تأمره في هذا بأن يهريق دما؟ قلت إنما آمره إذا ترك العمل نفسه قال: أفليس هذا عمل نفسه؟ قلت: لا. الطواف العمل وهذا هيئة في العمل فقد أتى بالعمل على كماله وترك الهيئة فيه والسجود والركوع العمل فإن ترك التسبيح فيهما لم يكن تاركا لعمل يقضيه كما يقضي سجدة لو تركها أو تفسد بها عليه صلاته لو خرج منها قبل أن يكملها بل التسبيح في الركوع والسجود كان أولى أن يفسد من قبل أنه قول وعمل، والقول عمل والاضطباع والرمل هيئة أخف من التسبيح في الركوع والسجود.
[قال]: وإذا رمل في الطواف فاشتد عليه الزحام تحرك حركة مشيه يقارب وإنما منعني من أن أقول له يقف حتى يجد فرجة، أنه يؤذى بالوقوف من خلفه ولا أطمع له أن يجد فرجة بين يديه فلو كان في غير مجمع فازدحم الناس لفتح باب الكعبة أو عارض الطواف حيث لا يؤذى بالوقوف من خلفه ويطمع أن ينفرج له ما بين يديه أمرته أن يقف حتى ينفرج ما بين يديه فيمكنه أن يرمل ومتى أمكنه الرمل رمل، وأحب إلي أن يدنو من البيت في الطواف، وإن بعد عن البيت وطمع أن يجد السبيل إلى الرمل أمرته بالبعد.