[قال الشافعي]: رحمه الله وخلافنا رجلان من الناس، فقال أحدهما: من أهل بحجتين لزمتاه فإذا أخذ في عملهما فهو رافض للآخر، وقال الآخر: هو رافض للآخر حين ابتدأ الإهلال وأحسبهما قالا: وعليه في الرفض دم وعليه القضاء.
[قال الشافعي]: قد حكي لي عنهما معا أنهما قالا: من أجمع صيام يومين فصام أحدهما فليس عليه الآخر لأنه لا يجوز أن يدخل في الآخر إلا بعد الخروج من الأول، وهكذا من فاتته صلوات فكبر ينوي صلاتين لم يكن إلا صلاة واحدة، ولم يلزمه صلاتان معا، لأنه لا يدخل في الآخر إلا من بعد الخروج من الأولى.
قال: وكذلك لو نوى صلاتين تطوعا مما يفصل بينهما بسلام، فإذا كان هذا هكذا في الصوم والصلاة فكيف لم يكن عندهما هكذا في الحج؟ مع أنه يلزمهما أن يدعا قولهما في الحج، إن زعما أن الحج يصير عمرة إذا فاتت عرفة أشبه أن يلزمهما إذا كان الإحرام بحجتين لازما أن يقولا هو حج وعمرة قالا يقضي أحدهما أو لم يقولاه.
[قال الشافعي]: وبهذا قلنا لا يقرن بين عملين إلا بحج وعمرة يدخل الحج على العمرة ولا يدخل العمرة على الحج إذا بدأ بالحج لأن الأصل أن لا نجمع بين عملين، فلما جمع بينهما في حال سلم للخبر في الجمع بينهما، ولم يجمع بينهما إلا على ما جاء فيه الخبر لا يخالفه ولا يقيس عليه.