[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: أخبرنا مسلم بن خالد عن ابن جريج عن عطاء وطاووس أنهما قالا: الحجة الواجبة من رأس المال.
[قال الشافعي]: وقال غيرهما لا يحج عنه إلا أن يوصي، فإن أوصى حج عنه من ثلثه إذا بلغ ذلك الثلث وبدئ على الوصايا؛ لأنه لازم، فإن لم يوص لم يحج عنه من ثلث ولا من غيره إذا أنزلت الحج عنه وصيه حاص أهل الوصايا ولم يبدأ غيره من الوصايا، ومن قال هكذا فكان يبدأ بالعتق بدأ عليه.
قال: والقياس في هذا أن حجة الإسلام من رأس المال، فمن قال هذا قضى أن يستأجر عنه بأقل ما يقدر عليه، وذلك أن يستأجر رجل من أهل ميقاته أو قربه لتخف مؤنته ولا يستأجر رجل من بلده إذا كان بلده بعيدا إلا أن يبدل ذلك بما يوجد به رجل قريب، ومن قال هذا القول قاله في الحج بأمر رسول الله ﷺ به ورآه دينا عليه وقاله في كل ما كان في معناه وقاله في كل ما أوجبه الله عز وجل عليه فلم يكن له مخرج منه إلا بأدائه ولم يكن له خيار فيه مثل زكاة المال وما كان، لا يكون أبدا إلا واجبا عليه شاء أو كره بغير شيء أحدثه هو؛ لأن حقوق الآدميين إنما وجبت لهم من رأس المال وهذا من حقوق الآدميين، أمر أن يؤديه إلى صنف منهم بعينه فجمع أن وجب وجوب الحج بفرض الله عز وجل، وإن كان كما وصفت للآدميين، ومن قال هذا بدأ هذا على جميع ما معه من الوصايا والتدبير وحاص به أهل الدين قبل الورثة إذا جعله الله واجبا وجوب ما للآدميين، وهذا قول يصح والله أعلم، ومن قال هذا قاله في الحج إن لم يبلغ إلا مريضا ثم لم يصح حتى مات مريضا أنه واجب عليه لا وصية؛ لأن الواجب على المريض والصحيح سواء فأما ما لزمه من كفارة يمين أو غيره. فإن أوصى به فقد قيل يكون في ثلثه كالوصايا وقيل بل لازم وما لزمه من شيء ألزمه نفسه من نذر أو كفارة قتل أو ظهار وهو واجد فقد يخالف ما لزمه بكل حال من قبل أنه قد كان ولم يجب عليه فإنما أوجبه على نفسه، فيختلفان في هذا، ويجتمعان في أنه قد أوجب كلا منهما فأوجب هذا وأوجب إقرار الآدمي فيحتمل أن يقال هما لازمان معا وأنا أستخير الله تعالى فيه.