[قال الشافعي]: رحمه الله قال الله تعالى {لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم} - إلى قوله - {فجزاء مثل ما قتل من النعم}.
[قال الشافعي]: وقول الله - عز وجل - (مثل ما قتل من النعم) يدل على أنه لا يكون المثل من النعم إلا فيما له مثل منه والمثل لدواب الصيد؛ لأن النعم دواب رواتع في الأرض والدواب من الصيد كهي في الرتوع في الأرض، وأنها دواب مواش لا طوائر وأن أبدانها تكون مثل أبدان النعم ومقاربة لها وليس شيء من الطير بوافق خلق الدواب في حال ولا معانيها معانيها، فإن قال قائل فكيف تفدي الطائر، ولا مثل له من النعم؟ قيل فديته بالاستدلال بالكتاب ثم الآثار ثم القياس والمعقول فإن قال فأين الاستدلال بالكتاب؟ قيل قال الله - عز وجل: {أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعا لكم وللسيارة وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما} فدخل الصيد المأكول كله في التحريم ووجدت الله - عز وجل - أمر فيما له مثل منه أن يفدى بمثله، فلما كان الطائر لا مثل له من النعم وكان محرما ووجدت رسول الله ﷺ يقضي بقضاء في الزرع بضمانه، والمسلمون يقضون فيما كان محرما أن يتلف بقيمته فقضيت في الصيد من الطائر بقيمته بأنه محرم في الكتاب وقياسا على السنة والإجماع وجعلت تلك القيمة لمن جعل الله له المثل من الصيد المحرم المقضي بجزائه؛ لأنهما محرمان معا لا مالك لهما أمر بوضع المبدل منهما فيمن بحضرة الكعبة من المساكين ولا أرى في الطائر إلا قيمته بالآثار والقياس فيما أذكره إن شاء الله تعالى.