[قال الشافعي]: إذا حج الرجل وقد وجبت عليه بدنة فليس له أن يخرج منها إذا كان قادرا عليها فإن قدر على الهدي لم يطعم، وإن لم يقدر على الهدي أطعم ولا يكون الطعام والهدي إلا بمكة وإن لم يقدر على واحد منهما صام حيث شاء، ولو صام في فوره ذلك كان أحب إلي، أخبرنا سعيد عن ابن جريج عن عطاء أنه قال في صيام المفتدي ما بلغني في ذلك شيء، وإني لاحب أن يصنعه في فوره ذلك، أخبرنا سعيد عن ابن جريج قال كان مجاهد يقول فدية من صيام أو صدقة أو نسك في حجه ذلك أو عمرته أخبرنا سعيد عن ابن جريج أن سليمان بن موسى قال في المفتدي بلغني أنه فيما بين أن صنع الذي وجبت عليه فيه الفدية وبين أن يحل إن كان حاجا أن ينحر، وإن كان معتمرا بأن يطوف.
[قال الشافعي]: وهذا إن شاء الله هكذا فإن قال قائل ما دل على ما وصفت؟ قيل إن كانت الفدية شيئا وجبت بحج وعمرة فأحب إلي أن يفتدي في الحج والعمرة، وذلك أن إصلاح كل عمل فيه كما يكون إصلاح الصلاة فيها وإن كان هذا يفارق الصلاة بأن الفدية غير الحج، وإصلاح الصلاة من الصلاة فالاختيار فيه ما وصفت وقد روي أن ابن عباس أمر رجلا يصوم ولا يفتدي وقدر له نفقته فكأنه لولا أنه رأى الصوم يجزيه في سفره لسأله عن يسره ولقال آخر هذا حتى يصير إلى مالك إن كنت موسرا.
[قال الشافعي]: فأنظر إلى حال من وجبت عليه الفدية في حج أو عمرة في ذلك الحج أو العمرة فإن كان واجدا للفدية التي لا يجزيه إذا كان واجدا غيرها جعلتها عليه لا مخرج له منها فإذا جعلتها عليه فلم يفتد حتى أعوز كان دينا عليه حتى يؤديه متى قدر عليه. وأحب إلي أن يصوم احتياطا لا إيجابا ثم إذا وجد أهدى.
[قال الشافعي]: وإذا كان غير قادر تصدق فإن لم يقدر صام فإن صام يوما أو أكثر ثم أيسر في سفره أو بعد فليس عليه أن يهدي وإن فعل فحسن.
قال: وإن كان معوزا حين وجبت فلم يتصدق ولم يصم حتى أيسر أهدى ولا بد له؛ لأنه مبتدئ شيئا فلا يبتدئ صدقة ولا صوما وهو يجد هديا.
قال: وإن رجع إلى بلده وهو معوز في سفره ولم يفتد حتى أيسر ثم أعوز كان عليه هدي لا بد له؛ لأنه لم يخرج من الهدي إلى غيره حتى أيسر فلا بد من هدي وأحب إلي أن يصوم احتياطا لا واجبا، وإذا جعلت الهدي دينا فسواء بعث به من بلده أو اشترى له بمكة فنحر عنه لا يجزي عنه حتى يذبح بمكة ويتصدق به وكذلك الطعام، وأما الصوم فيقضيه حيث شاء إذا أخره عن سفره وهكذا كل واجب عليه من أي وجه كان من دم أو طعام لا يجزيه إلا بمكة.