البداية والنهاية/الجزء السادس/باب ما قيل في قتال الروم
حدثنا إسحاق بن يزيد الدمشقي، ثنا يحيى بن حمزة، حدثني ثور بن يزيد عن خالد بن معدان أن عمير بن الأسود العنسي، حدثه أنه أتى عبادة بن الصامت وهو نازل إلى ساحل حمص وهو في بناء له ومعه أم حرام، قال عمير: فحدثتنا أم حرام أنها سمعت رسول الله ﷺ يقول: « أول جيش من أمتي يغزون البحر قد أوجبوا ».
قالت أم حرام: فقلت: يا رسول الله أنا فيهم؟
قال: « أنت فيهم ».
قالت: ثم قال النبي ﷺ: « أول جيش من أمتي يغزون مدينة قيصر مغفور لهم ».
قلت: أنا فيهم يا رسول الله؟
قال: « لا » تفرد به البخاري دون أصحاب الكتب الستة.
وقد رواه البيهقي في الدلائل عن الحاكم، عن أبي عمرو ابن أبي جعفر، عن الحسن بن سفيان، عن هشام بن عمار الخطيب، عن يحيى بن حمزة القاضي به وهو يشبه معنى الحديث الأول.
وفيه من دلائل النبوة ثلاث: إحداها الإخبار عن الغزوة الأولى في البحر وقد كانت في سنة سبع وعشرين مع معاوية ابن أبي سفيان حين غزا قبرص وهو نائب الشام عن عثمان بن عفان وكانت معهم أم حرام بنت ملحان هذه صحبة زوجها عبادة بن الصامت أحد النقباء ليلة العقبة فتوفيت مرجعهم من الغزو قتل بالشام كما تقدم في الرواية عند البخاري، وقال ابن زيد: توفيت بقبرص سنة سبع وعشرين، والغزوة الثانية غزوة قسطنطينية مع أول جيش غزاها وكان أميرها يزيد بن معاوية ابن أبي سفيان وذلك في سنة اثنتين وخمسين وكان معهم أبو أيوب خالد بن زيد الأنصاري فمات هنالك - رضي الله عنه وأرضاه - ولم تكن هذه المرأة معهم لأنها كانت قد توفيت قبل ذلك في الغزوة الأولى.
فهذا الحديث فيه ثلاث آيات من دلائل النبوة الإخبار عن الغزوتين، والإخبار عن المرأة بأنها من الأولين وليست من الآخرين، وكذلك وقع - صلوات الله وسلامه عليه -.