البداية والنهاية/الجزء السادس/خبر آخر عن عبد الله بن سلام
قال الإمام أحمد: حدثنا إسحاق بن يوسف الأزرق، ثنا ابن عون عن محمد - هو ابن سيرين - عن بشر بن عباد قال: كنت في المسجد فجاء رجل في وجهه أثر خشوع فدخل فصلى ركعتين فأوجز فيهما.
فقال القوم: هذا رجل من أهل الجنة، فلما خرج اتبعته حتى دخل منزله فدخلت معه فحدثته، فلما استأنس قلت له: إن القوم لما دخلت المسجد قالوا: كذا وكذا.
قال: سبحان الله والله ما ينبغي لأحد أن يقول ما لا يعلم، وسأحدثك أني رأيت رؤيا على عهد رسول الله ﷺ فقصصتها عليه رأيت كأني في روضة خضراء - قال ابن عون: فذكر من خضرتها وسعتها - وسطها عمود حديد أسفله في الأرض وأعلاه في السماء في أعلاه عروة، فقيل لي: إصعد عليه.
فقلت: لا أستطيع فجاء بنصيف - قال ابن عون: وهو الوصيف - فرفع ثيابي من خلفي فقال: إصعد عليه.
فصعدت حتى أخذت بالعروة.
فقال: إستمسك بالعروة، فاستيقظت وإنها لفي يدي.
قال: فأتيت النبي ﷺ فقصصتها عليه.
فقال: « أما الروضة فروضة الإسلام، وأما العمود فعمود الإسلام، وأما العروة فهي العروة الوثقى أنت على الإسلام تموت ».
قال: وهو عبد الله بن سلام.
ورواه البخاري من حديث عون.
ثم قد رواه الإمام أحمد من حديث حماد بن سلمة عن عاصم بن بهدلة، عن المسيب بن رافع، عن حرشة بن الحر، عن عبد الله بن سلام فذكره مطولا وفيه قال: حتى انتهيت إلى جبل زلق فأخذ بيدي ودحاني فإذا أنا على ذروته فلم أتقار ولم أتماسك، وإذا عمود حديد في يدي ذروته حلقة ذهب فأخذ بيدي ودحاني حتى أخذت بالعروة، وذكر تمام الحديث.
وأخرجه مسلم في صحيحه من حديث الأعمش عن سليمان بن مسهر، عن حرشة بن الحر، عن عبد الله بن سلام فذكره.
وقال: حتى أتى بي جبلا فقال لي: إصعد فجعلت إذا أردت أن أصعد خررت على رأسي حتى فعلت ذلك مرارا.
وأن رسول الله قال له حين ذكر رؤياه: « وأما الجبل فهو منزل الشهداء ولن تناله ».
قال البيهقي: وهذه معجزة ثانية حيث أخبر أنه لا ينال الشهادة وهكذا وقع فإنه مات سنة ثلاث وأربعين فيما ذكره أبو عبيد القاسم بن سلام وغيره.