سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم/اتباع التعاليم الإسلامية
علينا معاشر المسلمين أن نتمسك بالشريعة الإسلامية الغراء ونقتدي بأخلاق رسول الله حتى نصل إلى أوج السعادة في الدارين، وإن من تمعن في كتاب الله يجد أنه حوى مكارم الأخلاق، فقد حث على الفضائل والآداب السامية ونهى عن الرذائل والدنايا، والمدنية الحديثة مع ما بلغته من الرقي في العلوم والآداب فإنها لا تعد شيئا في جانب تعاليم الإسلام النقية الطاهرة، فنحن أحق بالاتّصاف بكل فضيلة والابتعاد عن كل رذيلة من أي أمة أخرى.
لقد قضى المسلمون على مخازي الوثنية وآفات الجاهلية، وفتح الله عليهم وسادوا الأمم ونشروا العلوم بفضل عقيدتهم وبما اتصفوا به من صفات الرجولة والأخلاق القوية التي استفادوها من القرآن الكريم وتعاليم رسول الله ﷺ
إن من المحزن حقا أن نرى الآن تدهور الأخلاق وانتشار الفساد والتهاون بأنواعه: تهاونا في إقامة الشعائر الدينية، تهاونا في اكتساب العلوم ومنافسة الأمم، تهاونا في الحقوق الوطنية، تهاونا في الذود عن كرامة الأمة والأسرة.
من المحزن حقا أن نرى فتورا في الهمم وتقصيرا في الواجبات واستهتارا بالفضائل وإقداما على اقتراف الرذائل، ومباهاة بالجرائم والمخازي والفضائح.
هل كان سلفنا الصالح يتركون بلادهم طعمة ونهبا لكل طامع ولا يحركون ساكنا؟ هل كانوا يتخاذلون ويتباغضون ولا يتعاونون؟ هل كانوا لا يشفقون على الضعفاء والمساكين ولا يبرون الأقارب ولا يعودون المرضى ولا يغيثون الملهوفين؟ هل كانوا جامدي الإحساس لا يشعرون بمصائب الناس؟ هل كانوا يكتمون الحق ولا يحاربون الباطل ولا ينصفون المظلوم، ولا يضمدون جراح المكلوم؟ هل كانوا يغفلون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ويدعون أنهم عاجزون مقهورون لا حول لهم ولا قوة؟ ثمّ يتركون حبل الأمور على غاربها طمعا في ربح قليل أو كثير وحبا في المناصب والجاه وتعلقا بزخارف الدنيا الزائلة إنهم لو فعلوا ذلك لما قامت لهم قائمة وما كان لهم ذلك الأثر المجيد في تاريخ الدنيا.
إن الأجانب قد درسوا حالتنا الاجتماعية وما وصلنا إليه من انحطاط وجهالة وخور في العزائم، وأخيرا حكموا بأن هذا راجع إلى جوهر ديننا وتعاليمه لينفرونا منه ويصدونا عنه لئلا ترجع إلى الإسلام شوكته الأولى وعزه القديم، وقد اغتر بكلامهم بعض قصار النظر من المسلمين فعززوا آراءهم وطعنوا على الدين طعنات شتى زاعمين أنهم مصلحون، وهم في الحقيقة مفسدون يخربون بيوتهم بأيديهم، ويا ليتهم وقفوا عند هذا الحد، بل حللوا المحرمات ونشروا الفساد وروّجوا الضلال وتعلقوا بمظاهر المدنية الغربية من خمور وفجور ولهو وخلاعة وإباحية وما دروا أن علماء الغرب وعقلاءهم ساخطون ناقمون على انتشار الفساد، وقد صرحوا مرارا وتكرارا أن هذه المساوىء منذرة بسقوط الأمم، مؤذنة بخرابها مع أنها الآن في غاية القوة والمنعة.
ألا إن معاول الهدم أقوى أثرا وأسرع فعلا من مجهودات المصلحين، فاتقوا الله فيما تكتبون وتخطبون وتصرحون. أقيموا بناء المجد التالد وتزودوا من العلم النافع فإن من العلم ما هو أشد ضررا من الجهل، ومن لم يفده العلم فقد باء بخسران مبين، ولا تجاروا الناس في أهوائهم طمعا في الاشتهار بينهم والتقرب إليهم، هذا ما أردت أن أكتبه بشأن ما لاتِّباع التعاليم الإسلامية من الأهمية، وهذه نصيحتي الخالصة للمسلمين عامة.