سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم/وفاة أبي طالب سنة 620 م
كان أبو طالب بن عبد المطلب من أشد الناس دفاعا عن رسول الله ﷺ لكن نفسه لم تطاوعه على اعتناق الإسلام وفراق دين آبائه، رُوي أن النبي ﷺ قال: «ما زالت قريش كاعة عني حتى مات عمي» وكان النبي ﷺ يحب أن يسلم عمه لأنه هو الذي كفله وذاد عنه إلى آخر لحظة من حياته.
ولما اشتد مرضه قال رسول الله ﷺ «يا عم، قلها أستحل لك بها الشفاعة يوم القيامة» - يعني قل الشهادة -، فقال له أبو طالب: يا ابن أخي لولا مخافة المسبة وأن تظن قريش إنما قلتها جزعا من الموت لقلتها، فأنزل الله تعالى: {إِنَّكَ لاَ تَهْدِى مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِى مَن يَشَآء} (القصص: 56)، قال الزجاج: أجمع المسلمون على أنها نزلت في أبي طالب حين عرض عليه رسول الله أن يقول لا إله إلا الله فأبى أن يقولها خشية أن تعيّره قريش على أن الذي منعه من الإسلام هو خوف الملام والشتم وأنه فارق دين آبائه واتبع دين ابن أخيه وقد رباه صغيرا، فالمشهور أنه مات كافرا وكان له من الولد جعفر وعليّ وعقيل وطالب وأم هانىء واسمها فاختة وجمانة وكلهم أعقب إلا طالبا، وكان أبو طالب أعرج وتوفي بعد النبوة بعشر سنين وقبل الهجرة بثلاث سنين بالغا من العمر نحو ثمانين سنة، وقالت الشيعة: إن أبا طالب مات مسلما.
وفي «أسد الغابة»: لما اشتد بأبي طالب مرضه دعا بني عبد المطلب فقال: إنكم لن تزالوا بخير ما سمعتم قول محمد واتبعتم أمره فاتبعوه وصدقوه ترشدوا.
ولما مات أبو طالب قال له رسول الله ﷺ «رحمك الله وغفر لك لا أزال أستغفر لك حتى ينهاني الله»، فأخذ المسلمون يستغفرون لموتاهم الذين ماتوا وهم مشركون فأنزل الله: {مَا كَانَ لِلنَّبِىّ وَالَّذِينَ ءامَنُواْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُواْ أُوْلِى قُرْبَى مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَبُ الْجَحِيمِ} (التوبة: 113).