سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم/مرض المهاجرين بحمى المدينة
حاول رؤساء قريش منع المسلمين من الهجرة إلى المدينة لكنهم استطاعوا الهجرة بعد بضعة أسابيع وقد اعتاد المهاجرون جوّ مكة الجاف فلما قدموا المدينة أصيب أكثرهم بالحمى وربما كانت أنفلونزا أو ملاريا لأن صيفها رطب وشتاءها قارس والمطر دائم تقريبا، قالت عائشة: لما قدم رسول الله ﷺ المدينة وهي أول أرض أصاب أصحابه منها بلاء وسقم، وصرف الله ذلك عن نبيه ﷺ وأصابت الحمى أبا بكر وبلالا وعامر بن فهيرة، فاستأذنت رسول الله ﷺ في عيادتهم وذلك قبل أن يضرب علينا الحجاب من شدة الحمى فأذن لي فدخلت عليهم وهم في بيت واحد فوجدتهم يهذون من شدة الحمى فأخبرت رسول الله ﷺ قالت: فنظر إلى السماء وقال: «اللهم حبِّب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشد، اللهم بارك لنا في صاعنا ومدّنا وصحِّحها لنا وانقل حُمَّاها إلى الجحفة»، فاستجاب الله له فطيَّب هواءها وترابها وسكنها والعيش بها، وكان أبو بكر إذا أخذته الحمى أنشد:
كل امرىء مصبح في أهله ** والموت أدنى من شراك نعله
وهذا من شعر حنظلة بن يسار وليس من شعر أبي بكر، وحمى المدينة كانت الملاريا لما كان يحيط بها من البرك والآبار حتى إن الجمال كانت تمرض من الشرب منها وكانت قريش تعيب على أهل يثرب ما يعتريهم من الحمى وتسلط اليهود عليهم وتسمّي الحمى (أم ملدم). قال رسول الله لزيد الخيل وكان قد أتى مع وفد طيّء وأسلم: «يا زيد تقتلك أم ملدم» يعني: الحمى، فأصيب بها أثناء الطريق عند عودته ومات بها.