سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم/مؤذنوه صلى الله عليه وسلم
هم: بلال وابن أم مكتوم بالمدينة، وسعد القرظ (ذكره الحلبي في السيرة ولم يذكره ابن الأثير في أسد الغابة) وأبو محذورة رضي الله عنه بمكة، واتفق الزبير وعمه مصعب وابن إسحاق والمسيبي أن اسم أبي محذورة (أوس) وكان رسول الله ﷺ سمعه يحكي الأذان فأعجبه صوته فأمر أن يؤتى به، فأسلم يومئذ وأمره بالأذان بمكة منصرفه من حنين فلم يزل يؤذن فيها، وكان أبو محذورة من أحسن الناس صوتا، توفي بمكة سنة 59 هـ.
أما بلال بن رباح، فهو مولى أبي بكر الصديق، كان مؤذنا لرسول الله وكان من السابقين إلى الإسلام والمعذبين في الله، تقدم ذكره، كان يؤذن لرسول الله في حياته سفرا وحضرا، وهو أول من أذن في الإسلام وأذن لأبي بكر ولعمر بن الخطاب لما دخل الشام مرة واحدة، فلم يُرَ باكيا أكثر من ذلك اليوم، ولما كان بلال بالشام، رأى النبيَّ ﷺ في منامه وهو يقول: «ما هذه الجفوة يا بلال، ما آن لك أن تزورنا» فانتبه حزينا، فركب إلى المدينة فأتى قبر النبي ﷺ وجعل يبكي عنده ويتمرغ عليه، فأقبل الحسن والحسين، فجعل يقبلهما ويضمهما، فقالا له: أتشتهي أن تؤذن في السَّحَر؟ فعلا سطح المسجد، فلما قال: الله أكبر الله أكبر، ارتجت المدينة، فلما قال: أشهد أن لا إله إلا الله، زادت رجتها، فلما قال: أشهد أن محمدا رسول الله، خرج النساء من خدورهن، فما رئي يوم أكثر باكيا وباكيةً من ذلك اليوم، وتوفي بلال بدمشق ودفن بباب الصغير سنة 20 وهو ابن بضع وستين سنة، وقيل: مات بحلب ودفن على باب الأربعين ولم يعقب، وكان آدم، شديد الأدمة، نحيفا، طويلا، أحنى خفيف العارضين، ورُوِيَ أن بلالا قال آخر الأذان: «الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله».