البداية والنهاية/الجزء العاشر/بشار بن برد
أبو معاذ الشاعر مولى عقيل، ولد أعمى، وقال الشعر وهو دون عشر سنين، وله التشبيهات التي لم يهتد إليها البصراء.
وقد أثنى عليه الأصمعي والجاحظ وأبو تمام وأبو عبيدة، وقال له: ثلاثة عشر ألف بيت من الشعر.
فلما بلغ المهدي أنه هجاه وشهد عليه قوم أنه زنديق أمر به فضرب حتى مات عن بضع وسبعين سنة. وقد ذكره ابن خلكان في الوفيات: فقال: بشار بن برد بن يرجوخ العقيلي مولاهم، وقد نسبه صاحب الأغاني فأطال نسبه.
وهو بصري قدم بغداد أصله من طخارستان، وكان ضخما عظيم الخلق، وشعره في أول طبقات المولدين، ومن شعره البيت المشهور:
هل تعلمين وراء الحب منزلة * تدنى إليك فإن الحب أقصاني
وقوله:
أنا والله أشتهي سحر عينيـ * ـك وأخشى مصارع العشاق
وله:
يا قوم أذني لبعض الحي عاشقة * والأذن تعشق قبل العين أحيانا
قالوا لم لا نرى عينيك قلت لهم * الأذن كالعين تروي القلب مكانا
وله:
إذا بلغ الرأي التشاور فاستعن * بحزم نصيح أو نصيحة حازم
ولا تجعل الشورى عليك غضاضة * فريش الخوافي قوة للقوادم
وما خير كف أمسك الغل أختها * وما خير سيف لم يؤيد بقائم
كان بشار يمدح المهدي حتى وشى إليه الوزير أنه هجاه وقذفه ونسبه إلى شيء من الزندقة، وأنه يقول بتفضيل النار على التراب، وعذر إبليس في السجود لآدم، وأنه أنشد:
الأرض مظلمة والنار مشرقة * والنار معبودة مذ كانت النار
فأمر المهدي بضربه فضرب حتى مات.
ويقال: إنه غرق ثم نقل إلى البصرة في هذه السنة.
وفيها توفي: الحسن بن صالح بن حيي، وحماد بن سلمة، والربيع بن مسلم، وسعيد بن عبد العزيز بن مسلم، وعتبة الغلام: وهو عتبة بن أبان بن صمعة أحد العباد المشهورين البكائين المذكورين، كان يأكل من عمل يده في الخوص، ويصوم الدهر ويفطر على الخبز والملح.
والقاسم الحذاء، وأبو هلال محمد بن سليم، ومحمد بن طلحة، وأبو حمزة اليشكري محمد بن ميمون.