البداية والنهاية/الجزء العاشر/وعبد الله بن إدريس
الأودي الكوفي، سمع: الأعمش، وابن جريج، وشعبة، ومالكا، وخلقا سواهم.
وروى عنه جماعات من الأئمة.
وقد استدعاه الرشيد ليوليه القضاء فقال: لا أصلح، وامتنع أشد الامتناع، وكان قد سأل قبله وكيعا فامتنع أيضا، فطلب حفص بن غياث فقبل.
وأطلق لكل واحد خمسة آلاف عوضا عن كلفته التي تكلفها في السفر فلم يقبل وكيع ولا ابن إدريس، وقبل ذلك حفص، فحلف ابن إدريس لا يكلمه أبدا.
وحج الرشيد في بعض السنين فاجتاز بالكوفة ومعه القاضي أبو يوسف والأمين والمأمون، فأمر الرشيد أن يجتمع شيوخ الحديث ليسمعوا ولديه، فاجتمعوا إلا ابن إدريس هذا، وعيسى بن يونس.
فركب الأمين والمأمون بعد فراغهما من سماعهما على من اجتمع من المشايخ إلى ابن إدريس فأسمعهما مائة حديث.
فقال له المأمون: يا عم ! إن أردت أعدتها من حفظي، فأذن له فأعادها من حفظه كما سمعها، فتعجب لحفظه.
ثم أمر له المأمون بمال فلم يقبل منه شيئا، ثم سارا إلى عيسى بن يونس فسمعا عليه، ثم أمر له المأمون بعشرة آلاف فلم يقبلها، فظن أنه استقلها فأضعفها فقال: والله لو ملأت لي المسجد مالا إلى سقفه ما قبلت منه شيئا على حديث رسول الله ﷺ.
ولما احتضر ابن إدريس بكت ابنته فقال: علام تبكي؟ فقد ختمت في هذا البيت أربعة آلاف ختمة.