البداية والنهاية/الجزء العاشر/فصل مقتل محمد بن عبد الله بن حسن
بعث محمد بن عبد الله بن حسن في غبون ذلك رسولا إلى أهل الشام يدعوهم إلى بيعته وخلافته فأبوا قبول ذلك منه، وقالوا: قد ضجرنا من الحروب ومللنا من القتال.
وجعل يستميل رؤوس أهل المدينة، فمنهم من أجابه ومنهم من امتنع عليه، وقال له بعضهم: كيف أبايعك وقد ظهرت في بلد ليس فيه مال تستعين به على استخدام الرجال؟
ولزم بعضهم منزله فلم يخرج حتى قتل محمد.
و بعث محمد هذا الحسين بن معاوية في سبعين رجلا ونحوا من عشرة فوارس إلى مكة نائبا إن هو دخلها فساروا إليها، فلما بلغ أهلها قدومهم خرجوا إليهم في ألوف من المقاتلة، فقال لهم الحسين بن معاوية: علام تقاتلون وقد مات أبو جعفر؟
فقال السري بن عبد الله زعيم أهل مكة: إن برده جاءتنا من أربع ليال وقد أرسلت إليه كتابا فأنا أنتظر جوابه إلى أربع، فإن كان ما تقولون حقا سلمتكم البلد وعلي مؤنة رجالكم وخيلكم.
فامتنع الحسن بن معاوية من الانتظار وأبى إلا المناجزة، وحلف لا يبيت الليلة إلا بمكة، إلا أن يموت.
وأرسل إلى السري: أن أبرز من الحرم إلى الحل حتى لا تراق الدماء في الحرم.
فلم يخرج، فتقدموا إليهم فصافّوهم فحمل عليه الحسن وأصحابه حملة واحدة فهزموهم وقتلوا منهم نحو سبعة، ودخلوا مكة.
فلما أصبحوا خطب الحسن بن معاوية الناس وأغراهم بأبي جعفر، ودعاهم إلى محمد بن عبد الله بن حسن المهدي.