البداية والنهاية/الجزء العاشر/ثناء الأئمة على الإمام أحمد بن حنبل
قال البخاري: لما ضرب أحمد بن حنبل كنا بالبصرة فسمعت أبا الوليد الطيالسي يقول: لو كان أحمد في بني إسرائيل لكان أحدوثة.
وقال إسماعيل بن الخليل: لو كان أحمد في بني إسرائيل لكان نبيا.
وقال المزني: أحمد بن حنبل يوم المحنة، وأبو بكر يوم الردة، وعمر يوم السقيفة، وعثمان يوم الدار، وعلي يوم الجمل وصفين.
وقال حرملة: سمعت الشافعي يقول: خرجت من العراق فما تركت رجلا أفضل ولا أعلم ولا أورع ولا أتقى من أحمد بن حنبل.
وقال شيخ أحمد يحيى بن سعيد القطان: ما قدم على بغداد أحد أحب إلي من أحمد بن حنبل.
وقال قتيبة: مات سفيان الثوري ومات الورع، ومات الشافعي وماتت السنن، ويموت أحمد بن حنبل وتظهر البدع.
وقال: إن أحمد بن حنبل قام في الأمة مقام النبوة.
قال البيهقي: - يعني في صبره على ما أصابه من الأذى في ذات الله -.
وقال أبو عمر بن النحاس - وذكر أحمد يوما - فقال: رحمه الله في الدين ما كان أبصره، وعن الدنيا ما كان أصبره، وفي الزهد ما كان أخبره، وبالصالحين ما كان ألحقه، وبالماضين ما كان أشبهه، عرضت عليه الدنيا فأباها، والبدع فنفاها.
وقال بشر الحافي بعد ما ضرب أحمد بن حنبل: أدخل أحمد الكير فخرج ذهبا أحمر.
وقال الميموني: قال لي علي بن المديني بعد ما امتحن أحمد، وقيل: قبل أن يمتحن: يا ميمون ما قام أحد في الإسلام ما قام أحمد بن حنبل.
فعجبت من هذا عجبا شديدا وذهبت إلى أبي عبيد القاسم بن سلام فحكيت له مقالة علي بن المديني فقال: صدق ! إن أبا بكر وجد يوم الردة أنصارا وأعوانا، وإن أحمد بن حنبل لم يكن له أنصار ولا أعوان.
ثم أخذ أبو عبيد يطري أحمد ويقول: لست أعلم في الإسلام مثله.
وقال إسحاق بن راهويه: أحمد حجة بين الله وبين عبيده في أرضه.
وقال علي بن المديني: إذا ابتليت بشيء فأفتاني أحمد بن حنبل لم أبال إذا لقيت ربي كيف كان.
وقال أيضا: إني اتخذت أحمد حجة فيما بيني وبين الله عز وجل، ثم قال: ومن يقوى على ما يقوى عليه أبو عبد الله؟
وقال يحيى بن معين: كان في أحمد بن حنبل خصال ما رأيتها في عالم قط: كان محدثا، وكان حافظا، وكان عالما، وكان ورعا، وكان زاهدا، وكان عاقلا.
وقال يحيى بن معين أيضا: أراد الناس منا أن نكون مثل أحمد بن حنبل، والله ما نقوى أن نكون مثله، ولا نطيق سلوك طريقه.
وقال الذهلي: اتخذت أحمد حجة فيما بيني وبين الله.
وقال هلال بن المعلى الرقي: منَّ الله على هذه الأمة بأربعة:
بالشافعي فهم الأحاديث وفسرها، وبين مجملها من مفصلها، والخاص والعام، والناسخ والمنسوخ. وبأبي عبيد بين غريبها. وبيحيى بن معين نفى الكذب عن الأحاديث. وبأحمد بن حنبل ثبت في المحنة، لولا هؤلاء الأربعة لهلك الناس.
وقال أبو بكر بن أبي داود: أحمد بن حنبل مقدم على كل من يحمل بيده قلما ومحبرة - يعني: في عصره -.
وقال أبو بكر محمد بن محمد بن رجاء: ما رأيت مثل أحمد بن حنبل، ولا رأيت من رأى مثله.
وقال أبو زرعة الرازي: ما أعرف في أصحابنا أسود الرأس أفقه منه.
وروى البيهقي، عن الحاكم، عن يحيى بن محمد العنبري قال: أنشدنا أبو عبد الله البوسندي في أحمد بن حنبل رحمه الله:
إن ابن حنبل إن سألت إمامنا * وبه الأئمة في الأنام تمسكوا
خلف النبي محمدا بعد الألى * خلفوا الخلائف بعده واستهلكوا
حذو الشراك على الشراك وإنما * يحذو المثال مثاله المستمسك
وقد ثبت في الصحيح عن رسول الله ﷺأنه قال: «لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك».
وروى البيهقي، عن أبي سعيد الماليني، عن ابن عدي، عن أبي القاسم البغوي، عن أبي الربيع الزهراني، عن حماد بن زيد، عن بقية بن الوليد، عن معاذ بن رفاعة، عن إبراهيم بن عبد الرحمن العذري. ح. قال البغوي: وحدثني زياد بن أيوب، حدثنا مبشر، عن معاذ، عن إبراهيم بن عبد الرحمن العذري. ح. قال البغوي: قال: قال رسول الله ﷺ: «يحمل هذا العلم من كل خلف عدو له ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين».
وهذا الحديث مرسل، وإسناده فيه ضعف، والعجب أن ابن عبد البر صححه، واحتج به على عدالة كل من حمل العلم، والإمام أحمد من أئمة أهل العلم، رحمه الله، وأكرم مثواه.