البداية والنهاية/الجزء العاشر/ثم دخلت سنة سبع وعشرين ومائتين
فيها: خرج رجل من أهل الثغور بالشام يقال له: أبو حرب المبرقع اليماني، فخلع الطاعة ودعا إلى نفسه.
وكان سبب خروجه أن رجلا من الجند أراد أن ينزل في منزله عند امرأته في غيبته فمانعته المرأة فضربها الجندي في يدها فأثرت الضربة في معصمها.
فلما جاء بعلها أبو حرب أخبرته فذهب إلى الجندي وهو غافل فقتله ثم تحصن في رؤوس الجبال وهو مبرقع، فإذا جاء أحد دعاه إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ويذم من السلطان، فاتبعه على ذلك خلق كثير من الحراثين وغيرهم، وقالوا: هذا هو السفياني المذكور أنه يملك الشام.
فاستفحل أمره جدا، واتبعه نحو من مائة ألف مقاتل، فبعث إليه المعتصم وهو في مرض موته جيشا نحوا من مائة ألف مقاتل، فلما قدم أمير المعتصم بمن معه وجدهم أمة كثيرة وطائفة كبيرة، وقد اجتمعوا حول أبي حرب فخشي أن يواقعه والحالة هذه، فانتظر إلى أيام حرث الأراضي فتفرق عنه الناس إلى أراضيهم، وبقي في شرذمة قليلة، فناهضه فأسره وتفرق عنه أصحابه، وحمله أمير السرية وهو رجاء بن أيوب حتى قدم به على المعتصم، فلامه المعتصم في تأخره عن مناجزته أول ما قدم الشام.
فقال: كان معه مائة ألف أو يزيدون، فلم أزل أطاوله حتى أمكن الله منه، فشكره على ذلك.