البداية والنهاية/الجزء العاشر/علي بن حمزة
ابن عبد الله بن فيروز، أبو الحسن الأسدي مولاهم، الكوفي المعروف بالكسائي لإحرامه في كساء، وقيل: لاشتغاله على حمزة الزيات في كساء.
كان نحويا لغويا أحد أئمة القراء، أصله من الكوفة ثم استوطن بغداد، فأدب الرشيد وولده الأمين، وقد قرأ على حمزة بن حبيب الزيات قراءته، وكان يقرئ بها، ثم اختار لنفسه قراءة وكان يقرأ بها.
وقد روى عن: أبي بكر بن عياش، وسفيان بن عيينة، وغيرهما.
وعنه: يحيى بن زياد الفراء، وأبو عبيد.
قال الشافعي: من أراد النحو فهو عيال على الكسائي.
أخذ الكسائي عن الخليل صناعة النحو فسأله يوما: عن من أخذت هذا العلم؟
قال: من بوادي الحجاز.
فرحل الكسائي إلى هناك فكتب عن العرب شيئا كثيرا، ثم عاد إلى الخليل فإذا هو قد مات وتصدر في موضعه يونس، فجرت بينهما مناظرات أقر له فيها يونس بالفضل، وأجلسه في موضعه.
قال الكسائي: صليت يوما بالرشيد فأعجبتني قراءتي، فغلطت غلطة ما غلطها صبي، أردت أن أقول لعلهم يرجعون، فقلت: لعلهم ترجعين، فما تجاسر الرشيد أن يردها.
فلما سلمت قال: أي لغة هذه؟
فقلت: إن الجواد قد يعثر.
فقال: أما هذا فنعم.
وقال بعضهم: لقيت الكسائي فإذا هو مهموم، فقلت: مالك؟
فقال: إن يحيى بن خالد قد وجه إلي ليسألني عن أشياء فأخشى من الخطأ.
فقلت: قل ما شئت فأنت الكسائي.
فقال: قطعه الله - يعني: لسانه - إن قلت ما لم أعلم.
وقال الكسائي يوما: قلت لنجار: بكم هذان البابان؟
فقال: بسالجيان يا مصفعان.
توفي الكسائي في هذه السنة على المشهور، عن سبعين سنة.
وكان في صحبة الرشيد ببلاد الري فمات بنواحيها هو ومحمد بن الحسن في يوم واحد، وكان الرشيد يقول: دفنت الفقه والعربية بالري.
قال ابن خلكان: وقيل: إن الكسائي توفي بطوس سنة ثنتين وثمانين ومائة.
وقد رأى بعضهم الكسائي في المنام ووجهه كالبدر فقال: ما فعل بك ربك؟
فقال: غفر لي بالقرآن.
فقلت: ما فعل حمزة؟
قال: ذاك في عليين ما نراه إلا كما نرى الكوكب.
وفيها توفي: