كتاب الأحكام الشرعية الكبرى/كتاب الصلاة/باب ذكر صلاة النبي صلى الله عليه وسلم بالليل
باب ذكر صلاة النبي صلى الله عليه وسلم بالليل عدل
مسلم: حدثنا محمد بن رافع، ثنا ابن أبي فديك، أنا الضحاك - هو ابن عثمان - عن مخرمة بن سليمان، عن كريب مولى ابن عباس، عن ابن عباس قال: " بت ليلة عند خالتي ميمونة بنت الحارث فقلت لها: إذا قام رسول الله ﷺ فأيقظيني، فقام رسول الله ﷺ، فقمت إلى جنبه الأيسر، فأخذ بيدي فجعلني من شقه الأيمن، فجعلت إذا أغفيت يأخذ بشحمة أذني، قال: فصلى إحدى عشرة ركعة، ثم احتبى حتى إني لأسمع نفسه راقدا، فلما تبين له الفجر صلى ركعتين خفيفتين ".
مسلم: حدثنا محمد بن بشار، ثنا محمد - وهو ابن جعفر - ثنا شعبة عن سلمة بن كهيل، عن كريب، عن عباس قال: " بت في بيت خالتي ميمونة، فترقبت كيف يصلي رسول الله ﷺ قال: فقام فبال ثم غسل وجهه وكفيه، ثم نام، ثم قام إلى القربة فأطلق شناقها، ثم صب في الجفنة أو القصعة، فأكبه بيده عليها، ثم توضأ وضوءا حسنا بين الوضوءين، ثم قام يصلي، فجئت فقمت إلى جنبه، فقمت عن يساره، قال: فأخذني فأقامني عن يمينه، فتكاملت صلاة رسول الله ﷺ ثلاث عشرة ركعة، ثم نام حتى نفخ، وكنا نعرفه إذا نام بنفخه، ثم خرج إلى الصلاة فصلى فجعل يقول في صلاته أو في سجوده: اللهم اجعل في قلبي نورا، وفي سمعي نورا، وفي بصري نورا، وعن يميني نورا، وعن شمالي نورا، وأمامي نورا، وخلفى نورا، وفوقي نورا، وتحتي نورا، واجعل لي نورا - أو قال: اجعلني نورا ".
مسلم: وحدثني إسحاق بن منصور، أنا النضر بن شميل، أنا شعبة، ثنا سلمة بن كهيل، عن بكير، عن كريب، عن ابن عباس، قال سلمة: فلقيت كريبا، فقال: قال ابن عباس: " كنت عند خالتي ميمونة، فجاء رسول الله ﷺ.... " ثم ذكر بمثل حديث غندر، وقال: " اجعلني نورا " ولم يشك.
مسلم: وحدثني عبد الله بن هاشم العبدي، ثنا عبد الرحمن بن مهدي، ثنا سفيان، عن سلمة، عن كريب، عن ابن عباس قال: " بت ليلة عند خالتي ميمونة فقام النبي ﷺ من الليل فأتى حاجته ثم غسل وجهه ويديه، ثم نام، ثم قام إلى القربة فأطلق شناقها، ثم توضأ وضوءا بين الوضوءين، ولم يكثر، وقد أبلغ، ثم قام فصلى فقمت، فتمطيت كراهية أن يرى أني كنت أنتبه له، فتوضأت، فقام فصلى، فقمت عن يساره، فأخذ بيدي فأدارني عن يمينه، فتتامت صلاة رسول الله ﷺ من الليل ثلاث عشرة ركعة، ثم اضطجع فنام حتى نفخ، وكان إذا نام نفخ، فأتاه بلال فآذنه بالصلاة، فقام فصلى ولم يتوضأ، وكان في دعائه: اللهم اجعل في قلبي نورا، وفي بصري نورا، وفي سمعي نورا، وعن يميني نورا، وعن يساري نورا، وفوقي نورا، وتحتي نورا، وأمامي نورا، وخلفي نورا، وعظم لي نورا ". قال كريب: وسبعا في التابوت. فلقيت بعض ولد العباس فحدثني بهن فذكر: عصبي، ولحمي، ودمي، وشعري، وبشري، وذكر خصلتين.
مسلم: حدثنا يحيى بن يحيى قال: قرأت على مالك، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن " أنه سأل عائشة: كيف كانت صلاة رسول الله ﷺ في رمضان؟ قالت: ما كان يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة، يصلي أربعا، فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي أربعا، فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي ثلاثا، فقالت عائشة: فقلت: يا رسول الله، أتنام قبل أن توتر؟ قال: يا عائشة، إن عيني تنامان ولا ينام قلبي ".
مسلم: حدثنا محمد بن مثنى العنزي، ثنا محمد بن أبي عدي، عن سعيد، عن قتادة، عن زرارة " أن سعد بن هشام بن عامر أراد أن يغزو في سبيل الله فقدم المدينة، فأراد أن يبيع عقارا [له] بها، فيجعله في السلاح والكراع، ويجاهد الروم حتى يموت، فلما قدم المدينة لقي أناسا من أهل المدينة، فنهوه عن ذلك، وأخبروه أن رهطا ستة أرادوا ذلك في حياة رسول الله ﷺ فنهاهم نبي الله وقال: أليس لكم في أسوة؟ فلما حدثوه بذلك راجع امرأته، وقد كان طلقها وأشهد على رجعتها، فأتى ابن عباس فسأله عن وتر رسول الله ﷺ فقال ابن عباس: ألا أدلك على أعلم أهل الأرض بوتر رسول الله ﷺ؟ قال: من؟ قال: عائشة، فائتها فاسألها ثم ائتني فأخبرني بردها عليك، فانطلقت إليها، فأتيت على حكيم بن أفلح فاستلحقته إليها فقال: ما أنا بقاربها؛ لأني نهيتها أن تقول في هاتين الشيعتين شيئا فأبت فيهما إلا مضيا، قال: فأقسمت عليه، فجاء فانطلقنا إلى عائشة، فاستأذنا عليها، فأذنت لنا، فدخلنا عليها فقالت: أحكيم؟ فعرفته. فقال: نعم. فقالت: من معك؟ قال: سعد بن هشام. قالت: من هشام؟ قال: ابن عامر، فترحمت عليه، وقالت خيرا. قال قتادة: وكان أصيب يوم أحد، فقلت: يا أم المؤمنين أنبئيني عن خلق رسول الله ﷺ. قالت: ألست تقرأ القرآن؟ قلت: بلى. قالت: فإن خلق نبي الله كان القرآن، قال: فهممت أن أقوم ولا أسأل أحدا عن شيء حتى أموت، ثم بدا لي فقلت: أنبئيني عن قيام رسول الله. فقالت: ألست تقرأ {يا أيها المزمل}؟ فقلت: بلى. قالت: فإن الله افترض قيام الليل في أول هذه السورة، فقام نبي الله وأصحابه حولا، وأمسك الله خاتمتها اثنى عشر شهرا في السماء، حتى أنزل الله - عز وجل - في آخر هذه السورة التخفيف، فصار قيام الليل تطوعا بعد فريضة، قال: قلت: يا أم المؤمنين، أنبئيني عن وتر رسول الله ﷺ فقالت: كنا نعد له سواكه وطهوره، فيبعثه الله ما شاء أن يبعثه من الليل فيتسوك ويتوضأ ويصلي تسع ركعات لا يجلس فيها إلا في الثامنة، فيذكر الله ويحمده ويدعو، ثم ينهض ولا يسلم، ثم يقوم فيصلي التاسعة، ثم يقعد فيذكر الله ويحمده ويدعوه، ثم يسلم تسليما يسمعنا، ثم يصلي ركعتين بعدما يسلم وهو قاعد فتلك إحدى عشرة ركعة يا بني. فلما أسن رسول الله ﷺ وأخذه اللحم أوتر بسبع وصنع في الركعتين مثل صنيعه الأول، فتلك تسع يا بني، وكان نبي الله ﷺ إذا صلى صلاة أحب أن يداوم عليها، وكان إذا غلبة نوم أو وجع عن قيام الليل صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة، ولا أعلم نبي الله قرأ القرآن كله في ليلة، ولا صلى ليلة إلى الصبح، ولا صام شهرا كاملا غير رمضان. قال: فانطلقت إلى ابن عباس فحدثته بحديثها، فقال: صدقت، لو كنت أقربها وأدخل عليها لأتيتها حتى تشافهني به. قال: قلت: لو علمت أنك لا تدخل عليها ما حدثتك حدثيها ".
وثنا محمد بن مثنى ثنا معاذ بن هشام، حدثني أبي، عن قتادة بإسناده نحوه.
أبو داود: حدثنا مؤمل بن هشام، ثنا إسماعيل بن إبراهيم، عن منصور ابن عبد الرحمن، عن أبي إسحاق الهمداني، عن الأسود بن يزيد " أنه دخل على عائشة فسألها عن صلاة رسول الله ﷺ بالليل، فقالت: كان يصلي ثلاث عشرة ركعة من الليل، ثم إنه صلى إحدى عشرة ركعة، وترك ركعتين، ثم قبض ﷺ حين قبض وهو يصلي سبع ركعات، آخر صلاته من الليل الوتر ".
النسائي: أخبرنا محمد بن رافع، ثنا عبد الرزاق، أنا معمر، عن ابن طاوس، عن عكرمة بن خالد، عن ابن عباس قال: " كنت في بيت ميمونة، فقام النبي ﷺ يصلي من الليل، فقمت معه على يساره، فأخذ بيدي فجعلني عن يمينه، ثم صلى ثلاث عشرة ركعة، حزرت قدر قيامه في كل ركعة " يا أيها المزمل ".
النسائي: أخبرنا الحسين بن منصور، ثنا عبد الله بن نمير، ثنا الأعمش، عن سعد بن عبيدة، عن المستورد بن الأحنف، عن صلة بن زفر، عن حذيفة فال: " صليت مع النبي ﷺ ليلة، فافتتح البقرة فقرأ، فقلت: يركع عند المائة، فمضى فقلت: يركع عند المائتين، فمضى فقلت: يصلي بها في ركعة، فمضى فافتتح النساء فقرأها، ثم افتتح آل عمران فقرأها، يقرأ مترسلا، إذا مر بآية فيها تسبيح سبح، وإذا مر بسؤال سأل، وإذا مر بتعوذ تعوذ، ثم ركع فقال: سبحان ربي العظيم. فكان ركوعه نحوا من قيامه، ثم رفع رأسه فقال: سمع الله لمن حمده. فكان قيامه قريبا من ركوعه، ثم سجد فجعل يقول: سبحان ربي الأعلى. فكان سجوده قريبا من ركوعه ".
النسائي: أخبرني عمرو بن عثمان، ثنا أبي وبقية قالا: ثنا ابن أبي حمزة - هو شعيب - حدثني الزهري، أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن الحارث بن نوفل، عن عبد الله بن خباب بن الأرت، عن أبيه - وكان قد شهد بدرا مع رسول الله ﷺ " أنه راقب رسول الله ﷺ في ليلة صلاها رسول الله ﷺ كلها حتى كان مع الفجر، فلما سلم رسول الله ﷺ جاءه خباب فقال: يا رسول الله، بأبي أنت وأمي، لقد صليت الليلة صلاة ما رأيتك صليت نحوها. قال رسول الله ﷺ: أجل، إنها صلاة رغب ورهب، سألت ربي - تبارك وتعالى - فيها ثلاث خصال، فأعطاني اثنتين، ومنعني واحدة: سألت ربي أن لا يهلكنا بما أهلك به الأمم قبلنا فأعطانيها، وسألت ربي - عز وجل - أن لا يظهر علينا عدوا من غيرنا فأعطانيها، وسألت ربي أن لا يلبسنا شيعا فمنعنيها ".