صيد الخاطر/فصل: الزم محراب الإنابة
فصل: الزم محراب الإنابة
أيها المذنب: إذا أحسست نفحات الجزاء فلا تكثرون الضجيج، ولا تقولن قد تبت وندمت، فهلا زال عني من الجزاء ما أكره. فلعل توبتك ما تحققت. وإن للمجازاة زمانا يمتد امتداد المرض الطويل، فلا تنجح فيه الحيل حتى ينقضي أوانه. وإن بين زمان: وعصى إلى إبان: فتلقى مدة مديدة. فاصبر أيها الخاطئ حتى يتخلل ماء عينيك خلال ثوب القلب المتنجس، فإذا عصرته كف الأسى، ثم تكررت دفع الغسلات حكما بالطهارة. بقى آدم يبكي على زلله ثلاث مائة سنة. ومكث أيوب عليه السلام في بلائه ثماني عشرة سنة. وأقام يعقوب يبكي على يوسف عليهما السلام ثمانين سنة. وللبلايا أوقات ثم تنصرم، ورب عقوبة امتدت إلى زمان الموت. فاللازم لك لأن تلازم محراب الإنابة، وتجلس جلسة المستجدي، وتجعل طعامك القلق، وشرابك البكاء، فربما قدم بشير القبول فارتد يعقوب الحزن بصيرا. وإن مت في سجنك فربما ناب حزن الدنيا عن حزن الآخرة، وفي ذلك ربح عظيم.