صيد الخاطر/فصل: على العامي الإيمان بالأصول
فصل: على العامي الإيمان بالأصول
عدلليس على العوام أضر من سماعهم علم الكلام. وإنما ينبغي أن يحذر العوام من سماعه، والخوض فيه، كما يحذر الصبي من شاطئ النهر، خوف الغرق. وربما ظن العامي أنه له قوة يدرك بها هذا، وهو فاسد، فإنه قد زل في هذا خلق من العلماء، فكيف العوام؟ وما رأيت أحمق من جمهور قصاص زماننا، فإنه يحضر عندهم العوام الغشم فلا ينهونهم عن خمر وزنا وغيبة، ولا يعلمونهم أركان الصلاة ووظائف التعبد، بل يملأون الزمان بذكر الإستواء وتأويل الصفات، وأن الكلام قائم بالذات، فيتأذى بذلك من كان قلبه سليما. وإنما على العامي أن يؤمن بالأصول الخمسة بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، ويقنع بما قال السلف: القرآن كلام الله غير مخلوق والإستواء حق والكيف مجهول. وليعلم أن رسول الله ﷺ وسلم لم يكلف الأعراب سوى مجرد الإيمان، ولم تتكلم الصحابة في الجواهر والأعراض. فمن مات على طريقهم مات مؤمنا سليما من بدعة. ومن تعرض لساحل البحر وهو لا يحسن السباحة، فالظاهر غرقه.