صيد الخاطر/فصل: تحقيق القصد
فصل: تحقيق القصد
لم تلمحت تدبير الصانع في سوق رزقي، بتسخير السحاب، وإنزال المطر برفق، والبذر دفين تحت الأرض، كالموتى، قد عفن ينظر نفخه من صور الحياة، فإذا أصابته اهتز خضرا. وإذا انقطع عنه الماء مد يد الكلب يستعطي، وأمال رأسه خاضعا، ولبس حلل التغير، فهو محتاج إلى ما أنا محتاج إليه من حرارة الشمس، وبرودة الماء ولطف النسيم، وتربية الأرض، فسبحان من أراني ـ فيما يربيني به ـ كيف تربيتي في الأصل. فيا أيتها النفس التي قد إطلعت على بعض حكمه، قبيح بك ـ والله ـ الإقبال على غيره. ثم العجب كيف تقبلين على فقير مثلك، يناديني لسان حاله بي مثل ما بك، يا حمام. فارجعي إلى الأصل الأول، واطلبي من المسبب. وياطوبي لك إن عرفتيه، فإن عرفانه ملك الدنيا والآخرة.