صيد الخاطر/فصل: القلوب تشهد للصالح بالصلاح
فصل: القلوب تشهد للصالح بالصلاح
عجبت لمن يتصنع للناس بالزهد يرجو بذلك قربه من قلوبهم، وينسى أن قلوبهم بيد من يعمل له. فإن رضي عمله ورآه خالصا لفت القلوب إليه، وإن لم يره خالصا أعرض بها عنه. ومتى نظر العامل إلى إلتفات القلوب إليه فقد زاحم الشرك لأنه ينبغي أن يقنع بنظر من يعمل له. ومن ضرورة الإخلاص ألا يقصد إلتفات القلوب إليه، فذاك يحصل لا بقصده بل بكراهته لذلك. وليعلم الإنسان أن أعماله كلها يعلمها الخلق جملة. وإن لم يطلعوا عليها. فالقلوب تشهد للصالح بالصلاح، وإن لم يشاهد منه ذلك. فأما من يقصد رؤية الخلق بعمله فقد مضى العمل ضائعا، لأنه غير مقبول عند الخالق ولا عند الخلق، لأن قلوبهم قد ألفتت عنه، فقد ضاع العمل وذهب العمر. ولقد أخبرنا ابن الحصين، قال: أخبرنا ابن المذهب، قال: أخبرنا أحمد بن جعفر، قال: حدثنا حسن بن موسى، قال: حدثنا ابن لهيعة، قال: حدثنا دراج، عن أبي الهثيم، عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله ﷺ أنه قال: لو أن أحدكم يعمل في صخرة صماء ليس لها باب ولا كوة لخرج الناس عمله كائنا ما كان فليتق الله العبد، وليقصد من ينفعه قصده، ولا يتشاغل بمدح من عن قليل يبتلي هو... وهم.