صيد الخاطر/فصل: النظر في العاقبة
فصل: النظر في العاقبة
عدلاشتد الغلاء ببغداد في أول سنة خمس وسبعين، وكلما جاء الشعير زاد السعر. فتواقع الناس على إشتراء الطعام، فاغتبط من يستعد كل سنة يزرع ما يقوته، وفرح من بادر في أول نيسان إلى إشتراء الطعام فإنه يضاعف ثمنه. وأخرج الفقراء ما في بيوتهم فرموه في سوق الهوان. وبان ذل نفوس كانت عزيزة. فقلت: يا نفس خذي من هذه الحال إشارة، ليغبطن من له عمل صالح وقت الحاجة إليه، وليفرحن من له جواب عند إقبال المسألة. وكل الويل على المفرط الذي لا ينظر في عاقبته، فتنبهى. فقد نبهت ناسيا الدنيا على أمر الآخرة. وبادري موسم الزرع ما دامت الروح في البدن. فالزمان كله تشرين قبل أن يدخل نيسان الحصاد. ومالك زرع، وحاجة المفتقرين إلى أموالهم تمنعهم من الإيثار.