صيد الخاطر/فصل: لذة الدنيا شرف العلم
فصل: لذة الدنيا شرف العلم
لقد غفل طلاب الدنيا عن اللذة فيها شرف العلم وزهرة العفة وأنفه الحمية. وعز القناعة، وحلاوة الافضال على الخلق. فأما الالتذاذ بالمطعم والمنكح فشغل جاهل باللذة، لأن ذاك لا يراد لنفسه، بل لإقامة العوض في البدن والولد. وأي لذة في نكاح، وهي قليل المباشرة لا تحصل. وفي حال المباشرة قلق لا يثبت. وعند انقضائها، كأن لم تكن، ثم تثمر الضعف في البدن. وأي لذة في جمع المال فضلا عن الحاجة. فإنه مستعبد للخازن، يبيت حذرا عليه، ويدعوه قليله إلى كثيره. أي لذة في المطعم، وعند الجوع يستوي خشنه وحسنه. فإن ازداد الأكل خاطر بنفسه. قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: بنيت الفتنة على ثلاث، النساء وهن فخ إبليس المنصوب، والشراب وهو سيفه المرهف، والدينار والدرهم، وهما سهماء المسمومان. فمن مال إلى النساء لم يصف له عيش. ومن أحب الشراب لم يمتع بعقله. ومن أحب الديار والدرهم كان عبدا ما عاش.