صيد الخاطر/فصل: عناد الكافرين
فصل: عناد الكافرين
عدلطال تعجبي من أقوام لهم أنفة، وعندهم كبر زائدة في الحد. خصوصا العرب الذين من كلمة ينفرون، ويحاربون، ويرضون بالقتل حتى إن قوما منهم أدركوا الإسلام فقالوا: كيف نركع ونسجد فتعلونا أستاهنا؟ فقال رسول الله ﷺ: لا خير في دين ليس في ركوع ولا سجود. وقد كان قوم يعبدون الخيل والبقر، وإن هؤلاء لأخس من إبليس، أنف لإدعائه الكمال أن يسجد لناقص فقال: أنا خير منه وفرعون أنف أن يعبد شيئا أصلا. فالعجب ذل هؤلاء المفتخرين المتعاظمين المتكبرين لحجر أو خشبة. وإنما ينبغي أن يذل الناقص للكاملين. وقد أشير إلى هذا في ذم الأصنام في قوله تعالى: ألهم أرجل يمشون بها، أم لهم أيد يبطشون بها، أم لهم أعين يبصرون بها. والمعنى: أنتم لكم هذه الآلات المدركة وهم ليس لهم فكيف بعد الكامل الناقص؟ غير أن هوى القوم في متابعة الأسلاف، واستحلاء ما اخترعوه بآرائهم، غطى على العقول، فلم تتأمل حقائق الأمور. ثم غطى الحسد على أقوام فتركوا الحق وقد عرفوه. فأمية بن أبي الصلت، يقر برسول الله ﷺ، ويقصده ليؤمن به، ثم يعود فيقول: لا أؤمن برسول ليس من ثقيف. وأبو جهل يقول: والله ما كذب محمد قط، ولكن إذا كانت السدانة والحجابة في بني هاسم ثم النبوة فما بقي لنا؟ وأبو طالب يرى المعجزات ويقول: إن لأعلم أنك على الحق ولولا أن تعيرني نساء قريش لأقررت بها عينك. فتعوذ بالله من ظلمة حسد، وغيابة كبر، وحماقة هوى يغطي على نور العقل. ونسأله إلهام الرشد، والعمل بمقتضى الحق.